أمَّا إذا كانَ في مُقابَلتِه المالُ فوُجودُ المالِ مُغْنٍ عن النِّيةِ؛ لأنها لا تُسلِّمُ المالَ إلَّا لِتسلَمَ لها نفْسُها، وذلكَ بالبَينونةِ (١).
وذهَبَ المالكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافعيةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الخُلعَ يَصحَّ بغَيرِ عِوضٍ.
قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ قالَ: وإنْ خالَعَها على غَيرِ عِوضٍ كانَ خُلعًا ولا شيءَ لهُ.
اختَلفَتِ الرِّوايةُ عَنْ أحمَدَ في هذهِ المَسألةِ، فرَوى عنهُ ابنُه عبدُ اللهِ قالَ: قُلتُ لأبِي: رَجلٌ عَلقَتْ بهِ امرَأتُه تَقولُ: «اخلَعْنِي» قالَ: «قَدْ خلعْتُكِ»، قالَ: يَتزوَّجُ بها ويُجدِّدُ نكاحًا جَديدًا وتكونُ عندَه على ثِنتَينِ، فظاهِرُ هذا صحَّةُ الخُلعِ بغيرِ عِوضٍ، وهو قولُ مالكٍ؛ لأنه قَطعٌ للنِّكاحِ، فصَحَّ مِنْ غيرِ عِوضٍ كالطَّلاقِ، ولأنَّ الأصلَ في مشرُوعيةِ الخُلعِ أنْ توجَدَ مِنْ المرأةِ رَغبةٌ عَنْ زوْجِها وحاجةٌ إلى فراقِه فتَسألُه فِراقَها، فإذا أجابَها حصَلَ المَقصودُ مِنْ الخُلعِ، فصحَّ كما لو كانَ بعوضٍ.
قالَ أبو بَكرٍ: لا خِلافَ عن أبِي عبدِ اللهِ أنَّ الخُلعَ ما كانَ مِنْ قِبَلِ النِّساءِ، فإذا كانَ مِنْ قِبَلِ الرِّجالِ فلا نِزاعَ في أنه طلاقٌ تُملكُ به الرَّجعةُ ولا يكونُ فسخًا.
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٥١)، و «البحر الرائق» (٤/ ٢٠٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥١٥)، و «اللباب» (٢/ ١١٦).