للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواعُ المُزارَعةِ عندَ الحَنفيَّةِ:

قالَ الحَنفيَّةُ: المُزارَعةُ على أربَعةِ أوْجُهٍ، ثَلاثَةٌ منها جائِزةٌ، والرابِعةُ باطِلةٌ:

الأولُ: إنْ كانَتِ الأرضُ والبَذْرُ لِواحِدِ، والبَقَرُ والعَملُ لِواحِدٍ، جازَتِ المُزارَعةُ؛ لأنَّ البَقَرَ آلَةُ العَملِ، فصارَ كَما إذا استَأْجَرَ خيَّاطًا لِيَخيطَ بإبرةِ الخيَّاطِ، ولأنَّه استِئجارٌ لِلعاملِ ببَعضِ الخارِجِ، وهو أصْلُ المُزارَعةِ.

الوَجْهُ الثَّاني: إنْ كانَتِ الأرضُ لِواحِدٍ، والعَملُ والبَقَرُ والبَذْرُ لِواحِدٍ، جازَتْ؛ لأنَّه استِئجارُ الأرضِ ببَعضٍ مَعلومٍ مِنْ الخارِجِ؛ فيَجوزُ، كَما إذا استَأجَرَها بدَراهِمَ مَعلومةٍ.

الوَجْهُ الثَّالث: إنْ كانَتِ الأرضُ والبَذْرُ والبَقَرُ لِواحِدٍ، والعَملُ مِنْ آخَرَ، جازَتْ؛ لأنَّه استَأجَرَه لِلعَملِ بآلَةِ المُستَأجِرِ، فصارَ كَما إذا استَأجَرَ خيَّاطًا لِيَخيطَ ثَوْبَه بإبرَتِه.

الوَجْهُ الرَّابِعُ: إنْ كانَتِ الأرضُ والبَقَرُ لِواحِدٍ، والبَذْرُ والعَملُ لِآخَرَ، فهي بَاطِلةٌ؛ لأنَّ صاحِبَ البَذْرِ استَأجَرَ الأرضَ، واشتِراطُ البَقَرِ على صاحِبِ الأرضِ مُفسِدٌ لِلإجارةِ؛ لأنَّ مَنفَعةَ البَقَرِ لَيسَتْ مِنْ جِنسِ مَنفَعةِ الأرضِ؛ لأنَّ مَنفَعةَ الأرضِ الإنباتُ، ومَنفَعةَ البَقَرِ الشَّقُّ، وبَينَهما اختِلافٌ؛ فلَم يَتجانَسا، فتَعذَّرَ أنْ تُجعَلَ تابِعةً لَها، وشَرطُ التَّبَعيَّةِ الِاتِّحادُ، فصارَ شَرطًا مُفسِدًا، بخِلافِ جانِبِ العامِلِ؛ لأنَّه تَجانَسَتِ المَنفعَتانِ، فَجُعِلَتْ تابِعةً لِمَنفَعةِ العامِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>