للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجُنونُ غيرُ المُطبِقِ:

اختَلَف الفُقهاءُ فيما لو كانَ الجُنونُ غيرَ مُطبِقٍ، هَلْ تَنفسِخُ الوَكالةُ أو لا؟

فَذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ إلى أنَّ الجُنونَ إذا كانَ غيرَ مُطبِقٍ لا تَبطُلُ الوَكالةُ به.

قالَ الحَنفيَّةُ: تَبطُلُ الوَكالةُ بمَوتِ أحَدِهِما وجُنونِه جُنونًا مُطبِقًا، ولو جُنَّ يَومًا ويُفيقُ يَومًا لا تَبطُلُ؛ لأنَّه في معنَى الإغماءِ؛ لأنَّه عَجزٌ يَحتَمِلُ الزَّوالَ، كالعَجزِ بالنَّومِ والإغماءِ.

وعن أبي يُوسفَ : لا يَنعزِلُ حتى يُجَنَّ أكثَرَ السَّنَةِ؛ لأنَّه متى دامَ كَذلك لا يَزولُ في الأغلَبِ، فصارَ كالمَوتِ، وعَن مُحمَّدٍ إلى سَنَةٍ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه إنْ كانَ لِعِلَّةٍ أو مَرَضٍ يَزولُ أو يَتغيَّرُ في سَنَةٍ، لِاشتِمالِها على الفُصولِ الأربَعةِ مِنْ حَرارةِ الهَواءِ وبُرودَتِه ويُبْسِه ورُطوبَتِه؛ فإذا لَم يَزَلْ فيها فالظَّاهِرُ دَوامُه (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَنعزِلُ الوَكيلُ بجُنونِه أو جُنونِ مُوكِّلِه، إلَّا أنْ يَطولَ جُنونُ المُوكِّلِ جِدًّا، فيَنظُرَ له الحاكِمُ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٧)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٣، ٤٩٤)، و «اللباب» (١/ ٥٦٢)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٣٩)، و «الهندية» (٣/ ٣٦٧، ٣٦٨).
(٢) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٨٣)، و «منح الجليل» (٦/ ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>