للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : ويُحتمَلُ ألَّا يَصحَّ تَوليَتُه، وأنه يَنعزِلُ إذا فسَقَ في أثناءِ وِلايتِه؛ لأنها وِلايةٌ على حقِّ غَيرِه، فنافاها الفِسقُ، كما لو وَلَّاهُ الحاكِمُ، وكما لو لم يُمكِنُ حِفظُ الوَقفِ منه مع بَقاءِ وِلايتِه على حقِّ غَيرِه، فإنه مَتى لم يُمكِنْ حِفظُه منه أُزيلَتْ وِلايتُه، فإنَّ مُراعاةَ حِفظِ الوَقفِ أهَمُّ مِنْ إبقاءِ وِلايةِ الفاسِقِ عليه (١).

وفي قَولٍ للشافِعيةِ ضَعيفٍ أنه لا تُشترطُ العَدالةُ إذا كانَ الوَقفُ على مُعيَّنينَ ولا طِفلَ فيهِم، فإنْ خانَ حَمَلوهُ على السَّدادِ (٢).

الشَّرطُ الثَّالثُ: البُلوغُ:

نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ في الجُملةِ على شَرطِ البُلوغِ في الناظِرِ.

أمَّا الحَنفيةُ فقدْ قالَ ابنُ عابدِينَ: مَطلبٌ في تَولِيةِ الصَّبيِّ:

ويُشترطُ للصِّحةِ بُلوغُه وعَقلُه، لا حُرِّيتُه وإسلامُه؛ لِما في «الإسْعَاف»: لو أوصَى إلى الصَّبيِّ تَبطلُ في القِياسِ مُطلَقًا، وفي الاستِحسانِ هِي باطِلةٌ ما دامَ صَغيرًا، فإذا كَبِرَ تَكونُ الوِلايةُ له، ولو كانَ عَبدًا يَجوزُ قِياسًا واستِحسانًا؛ لأهلِيتِه في ذاتِه، بدَليلِ أنَّ تَصرُّفَه المَوقوفَ لحَقِّ المَولى يَنفذُ عليه بعد العِتقِ؛ لزَوالِ المانعِ، بخِلافِ الصبيِّ، ثُمَّ الذِّمِيُّ في الحُكمِ كالعَبدِ،


(١) «المغني» (٥/ ٣٧٧، ٣٧٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢١٤)، و «الإنصاف» (٧/ ٦٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٢٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٥٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٣٤).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>