قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: هل الطَّلبُ شَرطٌ في جَوازِ التَّيممِ عندَ عَدمِ الماءِ أو لا؟
فإنَّ مالِكًا ﵁ اشتَرَط الطَّلبَ، وكذلك الشافِعيُّ، ولم يَشتَرِطْه أبو حَنيفةَ.
وسَببُ اختِلافِهم في هذا هو: هل يُسمَّى مَنْ لم يَجدِ الماءَ دونَ طَلبٍ غيرَ واجِدٍ للماءِ، أو لا يُسمَّى غيرَ واجِدٍ للماءِ إلا إذا طلَبَ الماءَ، فلم يَجدْه، لكنَّ الحَقَّ في هذا أنْ يَعتقدَ أنَّ المُتيقِّنَ لعَدمِ الماءِ إمَّا بطَلبٍ مُتقدِّمٍ وإمَّا بغيرِ ذلك هو عادِمٌ للماءِ، وأمَّا الظَّانُّ فليسَ بعادِمٍ للماءِ، ولذلك يَضعفُ القَولُ بتَكرُّرِ الطَّلبِ الذي في المَذهبِ في المَكانِ الواحِدِ بعَينِه، ويَقوَى اشتِراطُه ابتِداءً إذا لم يَكنْ هنالك عِلمٌ قَطعيٌّ بعَدمِ الماءِ (١).
ثانيًا: عَدمُ القُدرةِ على استِعمالِ الماءِ:
يَجبُ على مَنْ وجَدَ الماءَ أنْ يَستعملَه في عِبادةٍ وجَبَت عليه لا تَصحُّ إلا بالطَّهارةِ كالصَّلاةِ ونَحوِها، ولا يَجوزُ العُدولُ عن ذلك إلى التَّيممِ إلا إذا عُدِمت قُدرتُه على استِعمالِ الماءِ، ويَتحقَّقُ ذلك بالمَرضِ، أو خَوفِ المَرضِ من البَردِ ونَحوِه، أو العَجزِ عن استِعمالِه.
أ- المَرضُ:
اتَّفَق الفُقهاءُ على جَوازِ التَّيممِ للمَريضِ إذا تيقَّنَ التَّلفَ لقَولِه تَعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ولحَديثِ جابِرٍ ﵁ قالَ: خرَجنا في سَفرٍ فأصابَ