للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثَّانيةُ: أنْ يَقولَ لها: «أنتِ طالِقٌ» ويَنوِي ثَلاثًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ إذا طلَّقَ زَوجَتَه طَلقةً واحِدةً وهوَ يَنوِي ثَلاثًا بأنْ قالَ لهَا: «أنتِ طالِقٌ»، هل تَقعُ ثَلاثٌ أم واحِدةٌ؟

فذهَبَ الحَنفيَّةُ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لزَوجَتِه: «أنتِ طالِقٌ» ونوَى ثلاثًا لم يَقعْ إلَّا واحدةٌ؛ لأنَّ هذا اللَّفظَ لا يَتضمَّنُ عَددًا ولا بَينُونةً، فلَم يَقعْ بهِ الثَّلاثُ، ولأنَّ «أنتِ طالِقٌ» إخبارٌ عَنْ صِفةٍ هيَ عَليها، فلَم يَتضمَّنِ العَددَ كقَولِه: حائِضٌ وطاهِرٌ.

ولأنَّ الطَّلاقَ صَريحٌ في الواحِدِ، فلَم يَجُزْ أنْ يُجعَلَ كِنايةً في الثَّلاثِ؛ لأنهُ يُؤخَّرُ إلى أنْ يكونَ اللَّفظُ الواحِدُ في الجِنسِ الواحِدِ صَريحًا وكِنايةً في حالٍ واحِدةٍ.

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾، ولَم يُفصِّلْ بيْنَ أنْ يَنوِي الثَّلاثَ أو لم يَنوِ.

ورُويَ أنَّ ابنَ عُمرَ طلَّقَ امرأتَهُ في الحَيضِ «فأمَرَهُ النَّبيُّ أنْ يُراجِعَها، ثمَّ ليُطلِّقها طاهِرًا أو حامِلًا»، ولَم يَستحلِفْه أنهُ لَم يُرِدْ ثلاثًا، ولوِ احتَملَ اللَّفظُ ذلكَ استَحلَفَه كما استَحلَفَ رُكانةَ في البَتَّةِ باللهِ «ما أردْتَ إلَّا واحِدةً».

<<  <  ج: ص:  >  >>