للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المَرداويُّ : وقيلَ: يُؤدِّي في بَلدٍ مَنْ لزِمَه الإِخراجُ عنهم (١).

استدَلَّ أَصحابُ هذا القَولِ لمَذهبِهم، وهو أنَّ مَكانَ إِخراجِ زَكاةِ الفِطرِ هو مَكانُ المُؤدَّى عنه في حالةِ ما إذا اختَلفَ مَكانُ المُؤدِّي والمُؤدَّى عنه بالمَعقولِ، وهو:

قياسُ زَكاةِ الفِطرِ على زَكاةِ المالِ؛ لأنَّها أحَدُ نَوعَيِ الزَّكاةِ، وزَكاةُ المالِ تُؤدَّى حيثُ المالُ، فكذلك زَكاةُ الفِطرِ (٢).

حُكمُ نَقلِ زَكاةِ الفِطرِ من بَلدِ الوُجوبِ إلى بَلدٍ آخَرَ مع وُجودِ المُستحقِّينَ لها ببَلدِ وُجوبِها من حيثُ الجَوازُ وعَدمُه:

اتَّفق الفُقهاءُ على جَوازِ نَقلِ الزَّكاةِ من بَلدٍ إلى آخَرَ إذا فاضَت واستَغنى أهلُها عنها؛ لكَثرةِ مالِ الزَّكاةِ أو لانعِدامِ الأَصنافِ أو لقلَّةِ عَددِهم، بل قالوا: يَجبُ.

إلا أنَّهم اختلَفوا في حُكمِ نَقلِ زَكاةِ الفِطرِ من بَلدِ الوُجوبِ إلى بَلدٍ آخَرَ مع وُجودِ المُستحقِّينَ لها ببَلدِ الوُجوبِ من حيثُ الجَوازُ وعَدمُه على قولَينِ:

القَولُ الأولُ: وهو قَولُ الحَنفيةِ أنَّه يُكرهُ تَنزيهًا نَقلُ الزَّكاةِ من بَلدٍ إلى بَلدٍ، إلا أنْ يَنقُلَها إلى قَرابةٍ مُحتاجِينَ؛ لِما في ذلك من صِلةِ الرَّحمِ … أو إلى فَردٍ أو جَماعةٍ هم أمَسُّ حاجةً من أهلِ بَلدِه، أو كانَ نَقلُها أصلَحَ للمُسلِمينَ، أو من دارِ الحَربِ إلى دارِ الإِسلامِ؛ لأنَّ فُقراءَ المُسلِمينَ أفضَلُ


(١) «الإنصاف» (٣/ ٢٠٣).
(٢) «المبسوط» (٣/ ١٠٦)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>