للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ: «كُلَّما شِئتِ» كانَ ذلكَ لها أبَدًا حتى يقَعَ ثلاثٌ؛ لأنَّ «كلَّما» تَقتضي التَّكرارَ، فكُلَّما شاءَتْ وقَعَ عليها الطلاقُ، فإنْ عادَتْ إليهِ بعدَ زَوجٍ سقَطَتْ مَشيئتُها، وليسَ لها أنْ تُطلِّقَ نفسَها ثلاثًا بكلمةٍ واحِدةٍ؛ لأنها تُوجِبُ عُمومَ الانفرادِ لا عُمومَ الاجتماعِ، فلا تَملكُ الإيقاعَ جُملةً وجَمعًا.

وإنْ قالَ لها: «طلِّقي نفسَكِ إنْ شِئتِ» فذلكَ مَقصورٌ على المَجلسِ؛ لأنَّ «إنْ» لا تَقتضي الوقتَ، وكذا: «إنْ أحبَبْتِ أو رَضِيتِ أو أرَدْتِ» كلُّه يَقتصرُ على المَجلسِ؛ لأنه علَّقَه بفِعلٍ مِنْ أفعالِ القَلبِ، فهوَ مثلُ الخِيارِ.

التوكيلُ في الطلاقِ:

وإنْ قالَ لرَجلٍ: «طلِّقِ امرأتي» فله أنْ يُطلِّقَها في المَجلسِ وبعدَه وله أنْ يَرجِعَ؛ لأنَّ هذا تَوكيلٌ واستِعانةٌ وليسَ بتَمليكٍ، فلا يَقتصرُ على المَجلسِ، بخِلافِ قولِه للمَرأةِ: «طلِّقِي نفسَكِ»، سواءٌ قالَ لها: «إنْ شِئتِ» أو لم يَقُلْ فإنه يَقتصرُ على المَجلسِ؛ لأنها عامِلةٌ لنَفسِها، فكانَ تَمليكًا لا توكيلًا.

وإنْ قالَ: «طلِّقْها إنْ شِئتَ» فله أنْ يُطلِّقَها في المَجلسِ خاصَّةً، وليسَ للزَّوجِ أنْ يَرجعَ.

والأصلُ في هذا أنَّ كُلَّ ما كانَ تَفويضًا فإنه يَقتصرُ على المَجلسِ، ولا يَملكُ الزوجُ النهيَ عنهُ، وكلُّ ما كانَ توكيلًا لا يَقتصرُ على المَجلسِ، ويَملكُ الزوجُ الرجوعَ عنه والنَّهيَ عنه.

فإذا ثبَتَ هذا فنَقولُ: إذا قالَ لها: «طلِّقِي نفسَكِ -سواءٌ قالَ لها: «إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>