تَملُّكِ الثَّوبِ، لا في الخِنزيرِ نَفْسِه؛ فيَفسُدُ العَقدُ لِفَسادِ الثَّمنِ المُسَمَّى، وتَجِبُ قِيمةُ الثَّوبِ دونَ الخِنزيرِ (١).
بَيعُ الكَلبِ:
اختلَف الفُقهاءُ في بَيعِ الكَلبِ هل يَجوزُ بَيعُه مُطلَقًا، سَواءٌ كانَ مُعلَّمًا أو غيرَ مُعلَّمٍ، وسَواءٌ كانَ لِلصَّيدِ أو لِلحِراسةِ أو لِغيرِ ذلك، أو لا؟ على أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ لِلحَنَفيةِ: أنَّه يَجوزُ بَيعُ الكَلبِ -والفَهدِ والسِّباعِ-، مُعلَّمًا كانَ أو غيرَ مُعلَّمٍ؛ لأنَّه حَيَوانٌ مُنتَفَعٌ به، حِراسةً واصطيادًا، فيَجوزُ، ولأنَّ الكَلبَ مالٌ، فكانَ مَحلًّا لِلبَيعِ، كالصَّقرِ والبازِي، والدَّليلُ على أنَّه مالٌ أنَّه مُنتَفَعٌ به حَقيقةً، مُباحُ الِانتِفاعِ به شَرعًا على الإطلاقِ، فكانَ مالًا، ولا شَكَّ أنَّه مُنتَفَعٌ به حَقيقةً، والدَّليلُ على أنَّه مُباحٌ الِانتِفاعُ به شَرعًا على الإطلاقِ أنَّ الِانتِفاعَ به بجِهةِ الحِراسةِ والِاصطيادِ مُطلَقٌ شَرعًا في الأحوالِ كُلِّها، فكانَ مَحلًّا لِلبَيعِ؛ لأنَّ البَيعَ إذا صادَفَ مَحلًّا مُنتَفَعًا به حَقيقةً، مُباحًا الِانتِفاعُ به شَرعًا على الإطلاقِ، مَسَّتِ الحاجةُ إلى شَرعِه؛ لأنَّ شَرعَه يقعُ سَبَبًا ووَسيلةً لِلِاختِصاصِ القاطِعِ لِلمُنازَعةِ؛ إذِ الحاجةُ إلى قَطعِ المُنازَعةِ فيما يُباحُ الِانتِفاعُ به شَرعًا على الإطلاقِ، لا فيما يَجوزُ.
والحَديثُ الوارِدُ في النَّهيِ -كَما سَيَأتي- يُحتمَلُ أنَّه كانَ في ابتِداءِ الإسلامِ؛ لأنَّهم كانوا ألِفوا اقتِناءَ الكِلابِ، فأمَرَ ﷺ بقَتلِها، ونهَى عن بَيعِها؛ مُبالَغةً في الزَّجرِ، أو يُحمَلُ على هذا تَوفيقًا بينَ الدَّلائِلِ.
(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٠٥)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٧٩).