للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قَولٍ للشافِعيةِ لا يَجوزُ التَّحكيمُ مُطلقًا؛ لمَا فيه مِنْ الافتياتِ على الإِمامِ.

وقيلَ: يَجوزُ التَّحكيمُ بشَرطِ عَدمِ وُجودِ قاضٍ في البَلدِ لوُجودِ الضَّرورةِ حينَئذٍ.

وقيلَ: يَختصُّ جَوازُ التَّحكيمِ بمالٍ دونَ قَصاصٍ ونِكاحٍ ونَحوِهما كلِعانٍ وحَدِّ قَذفٍ؛ لخَطرِ أَمرِهما، فتُناطُ بنَظرِ القاضِي ومَنصبِه.

المَسألةُ الثانيةُ: لا يَنقضُ القاضِي حُكمَ الحاكمِ إذا كانَ حُكمُه مما لا يُنقضُ:

نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه لا يُشترطُ أنْ يُوافقَ حُكمُ المُحكَّمِ حُكمَ القاضِي، ولا يَجوزُ لقاضِي البَلدِ نَقضَ حُكمِه إذا كانَ مَثلُه لا يُنقضُ وإنْ خالفَ مَذهبَه، إلا أنْ يَكونَ جَورًا بّينًا لم يَختلفْ فيه أَهلُ العِلمِ؛ لأنَّه حُكمٌ قد صحَّ ولزِمَ فلمْ يَكنْ له فَسخُه لمُخالفتِه رَأيَه، كما لو كانَ حاكمٌ قبلَه وَلاه الإِمامُ، ولأنَّه إذا ثبَتَ تَراضِيهما به فقد صارَ حاكمًا يَنفذُ حُكمُه عليهما، وصارَ بمَنزلةِ حاكمٍ آخرَ في البَلدِ؛ لأنَّ تَراضيَهما به يَقومُ مَقامَ نَصبِ السُّلطانِ في البَلدِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه إذا رُفعَ حُكمٌ إلى الحاكمِ الذي وَلاه الإِمامُ فله أنْ يَنقضَه إذا خالَفَ رَأيَه وإنْ كانَ مما لا يُنقضُ مثلُه على الحاكمِ الذي وَلاه الإِمامُ قبلَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>