للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا المَعقولُ: فهو أنَّ المُسلِمَ يَحتاجُ إلى أنْ يَتقرَّبَ إلى اللهِ بنَوعٍ مِنْ القُربِ المَقصودةِ التي له رُخصةُ تَركِها لمَا يَتعلقُ به مِنْ العاقبةِ الحَميدةِ وهي نَيلُ الدَّرجاتِ العُلى والسَّعادةِ العُظمى في دارِ الكَرامةِ، وطَبعُه لا يُطاوعُه على تَحصيلِه، بل يَمنعُه عنه لمَا فيه مِنْ المَضرَّةِ الحاضرةِ وهي المَشقةُ، ولا ضَرورةَ في التَّركِ فيَحتاجُ إلى اكتِسابِ سَببٍ يُخرجُه عن رُخصةِ التَّركِ ويُلحقُه بالفَرائضِ المُوظَّفةِ، وذلك يَحصلُ بالنَّذرِ؛ لأنَّ الوُجوبَ يَحملُه على التَّحصيلِ خَوفًا مِنْ مَضرَّةِ التَّركِ فيَحصلُ مَقصودُه (١).

حُكمُ النَّذرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ النَّذرِ هل هو مُستحبٌّ أم مَكروهٌ أم مُباحٌ؟

على تَفصيلٍ بينَ الفُقهاءِ في هذا.

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ النَّذرَ قُربةٌ مَشروعةٌ، أما كونُه قُربةً فلمَا يُلازمُه مِنْ القُربِ كالصَّومِ والصَّلاةِ والحَجِّ والعِتقِ والصَّدقةِ ونحوِها، وأمَّا شَرعيتُه فللأَوامرِ الواردةِ بإِيفائِه، قالَ تَعالى: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩] وقالَ : «أوفِ بنَذرِكَ» وقالَ : «مَنْ نذَرَ وسَمى فعليه الوَفاءُ بما سَمى» وقالَ : «مَنْ نذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فليُطعْه» (٢). إلى غيرِها مِنْ النُّصوصِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٩٠).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٠٠).
(٣) «الاختيار» (٤/ ٨٩، ٩٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>