للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ جامَع بعدَ الوُقوفِ بعَرفةَ وقبلَ التَّحلُّلِ الأولِ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ من جامَع بعدَ الوُقوفِ بعَرفةَ وقبلَ التَّحلُّلِ فقد فسَد حَجُّه وعليه بَدنةٌ؛ لأنَّه وَطءٌ صادَف إحرامًا مُنعقِدًا، كالوَطءِ قبلَ الوُقوفِ، ولأنَّها عِبادةٌ يَلحَقُها الفَسادُ، فجازَ أنْ يَطرأَ عليها الفَسادُ من حينِ التَّلبُّسِ بها إلى حينِ الخُروجِ منها، كسائرِ العِباداتِ.

واستدَلُّوا على ذلك بما رُوي عن ابنِ عُمرَ: «أنَّ رَجلًا سأَله فقال: إنِّي وقَعتُ بامرَأتي ونحنُ مُحرِمانِ، فقال: أفسَدتَ حجَّك، انطَلِقْ أنتَ وأهلُك مع الناسِ فاقضوا ما يَقضونَ، وحُلَّ إذا حَلُّوا فإذا كان في العامِ المُقبلِ فاحجُجْ أنتَ وامرَأتُك وأهْدِيا هَديًا، فإنْ لم تَجِدا فصوما ثَلاثةَ أيامٍ في الحَجِّ وسَبعةً إذا رجَعتُما» (١).

ووَجهُ الاستِدلالِ: أنَّه ونحوَه ممَّا رُوي عن الصَّحابةِ مُطلقٌ في المُحرِمِ إذا جامَع، لا تَفصيلَ فيه بينَ قبلَ الوُقوفِ وبعدَه، فيَكونُ حُكمُهما واحِدًا، وهو الفَسادُ، ووُجوبُ الفِديةِ؛ ولأنَّ الجِماعَ إنَّما عُرِف مُفسِدًا للحَجِّ لكَونِه مُفسِدًا لِلإحرامِ، والإحرامُ بعدَ الوُقوفِ باقٍ لبَقاءِ رُكنِ الحَجِّ -وهو طَوافُ


(١) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ١٦٤)، والدراقطني (٣/ ٥٠)، والحاكم (٢/ ٧٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ١٦٧)، وقال: إسنادُه صحيحٌ، وكذلك صحَّح إسنادَه النَّوويُّ في «المجموع» (٧/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>