للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّدقةِ لأكَلتُها» (١). فإنَّما نبَّهَ أنَّه يَجوزُ أَكلُها مِنْ مِلكِ الغيرِ لو لَم تَكنْ مِنْ الصَّدقةِ؛ لأنَّها في مَعنى التافِهِ، فكذلك الشَّاةُ في الفلاةِ لا قِيمةَ لها (٢).

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَجدَها في البُنيانِ أو القَريةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو وجَدَها في البُنيانِ أو القَريةِ هل يَجوزُ له أَكلُها أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصحِّ وابنُ المُنذرِ إلى أنَّه إذا وجَدَها في المِصرِ ليسَ له أَكلُها؛ لأنَّه يُمكنُ بيعُها بخِلافِ الصَّحراءِ، فإنَّه قد لا يَجدُ فيها مَنْ يَشتريَها بخِلافِ العُمرانِ، ويَشقُّ النَّقلُ إليه.

وذهَبَ الحَنابِلةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأَصحِّ إلى أنَّه لا فرقَ في إِباحةِ أَكلِها بينَ وجدانِها في الصَّحراءِ أو في المِصرِ؛ لأنَّه لمَّا جازَ أَكلُها في الصَّحراءِ أُبيحَ في المِصرِ كسائِرِ المَأكولاتِ، ولأنَّ النَّبيَّ قالَ: «هي لك» ولَم يُفرقْ، ولأنَّ أكلَها معلَّلٌ بما ذكَرْنا مِنْ الاستِغناءِ عن الإِنفاقِ عليها، وهذا في المِصرِ أشدُّ مِنه في الصَّحراءِ (٣).

الخَصلةُ الثانيةُ: أنْ يُمسكَها على صاحِبِها ويُنفقَ عليها مِنْ مالِه ولا يَتملكُها إلا بعدَ مدةِ التَّعريفِ كغيرِه.

إلا أنَّه إنْ أَحبَّ أنْ يُنفقَ عليها مُحتسبًا بالنَّفقةِ على مالِكِها وأشهَدَ على


(١) أخرجه البخاري (٢٢٩٩)، ومسلم (١٠٧١).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٥٥٠، ٥٥١).
(٣) «المغني» (٦/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>