للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِسمُ السادسُ: نَذرُ المَكروهِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ نذَرَ نَذرًا مَكروهًا كمَن نذَرَ أنْ يُصليَ بعدَ الفَجرِ، وبعدَ العَصرِ، أو نذَرَ أنْ يَأكلَ ثُومًا أو بَصلًا، أو أنْ يُطلقَ زَوجتَه، هل يَنعقدُ هذا النَّذرُ أم لا يَنعقدُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ نَذرَ المَكروهِ لا يَنعقدُ، ولا يَلزمُ الوَفاءُ به، لقولِ النَّبيِّ : «لا نَذرَ إلا فيما ابتُغيَ به وَجهُ اللهِ» (١). وهذا لمْ يُبتغَ به وَجهُ اللهِ تَعالى.

ولمَا رواه البُخاريُّ عن عِكرِمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: بيْنَا النَّبيُّ يَخطبُ إذا هو برَجلٍ قَائمٍ فسأَلَ عنه، فقالُوا: أَبو إِسرائيلَ نذَرَ أنْ يَقومَ ولا يَقعدَ، ولا يَستظلَّ، ولا يَتكلمَ، ويَصُومَ، فقالَ النَّبيُّ : «مُره فليَتكلَّم، وليَستظلَّ، وليَقعدْ وليُتمَّ صَومَه» (٢). فإنَّه نذَرَ أَفعالًا تُكرَه المُداومةُ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢١٩٢)، وأحمد (٦٧٣٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>