قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: وقد اختَلفَ الفُقهاءُ في ذَكاةِ ما نزَلَ به المَوتُ مِنْ الأنعامِ مثلَ المُتردِّيةِ والنَّطيحةِ والمَوقوذةِ وأكيلَةِ السَّبُعِ والمُنخنقةِ.
فقالَ أبو قُرَّةَ موسَى بنُ طارقٍ: سألتُ مالِكًا عن المُتردِّيةِ والمَفروسةِ تُدرَكُ ذَكاتُها وهي تَتحركُ فقالَ: لا بأسَ بها إذا لم يَكنْ قُطعَ رَأسُها أو نُثرَ بَطنُها.
قالَ: وسَمعتُ مالِكًا يقولُ: إذا غُيِّرَ ما بينَ المَنحرِ إلى المَذبحِ لم تُؤكلْ.
وفي «المُستخرَجة» لمالكٍ وابنِ القاسِمِ أنَّ ما فيه الحَياةُ وإنْ كانَ لا يَعيشُ ولا يُرجَى له بالعَيشِ يُذكَّى ويُؤكلُ في ذلكَ.
وقالَ اللَّيثُ بنُ سَعدٍ: إذا كانَتْ حيَّةً وأخرَجَ السَّبعُ بَطنَها أكَلْنا إلا ما بانَ مِنها، وهو قولُ ابنِ وَهبٍ، وهو الأشهَرُ مِنْ مَذهبِ الشافِعيِّ، وبه قالَ إسحاقُ بنُ راهَويهِ.
قالَ المُزنِيُّ: وأحفَظُ للشافعيِّ قولًا آخَرَ أنها لا تُؤكلُ إذا بلَغَ منها السَّبعُ أو التَّردِّي إلى ما لا حَياةَ معه، قالَ المُزنِيُّ: وهو قَولُ المَدنيينَ.
وقالَ أبو حَنيفةَ في كلِّ ما تُدركُه ذُكاتُه وفيهِ حَياةٌ ما كانَتِ الحَياةُ بأنه ذَكِيٌّ إذا ذُكِّيَ قبلَ أنْ يَموتَ.
ورَوى الشعبيُّ عن الحارِثِ عن عليٍّ ﵁ قالَ:«إذا أدرَكْتَ ذَكاةَ المَوقوذةِ أو المُتَرديةِ أو النَّطيحةِ وهي تُحرِّكُ يَدًا أو رِجلًا فكُلْها».