للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسلِمينَ في إثباتِ كذا … إلى آخِرِهِ» أنَّه يُوكِّلُ كلَّ واحِدٍ مِنْ المُسلِمينَ، لا بعَيْنِه، وهذا هو المُتَبادَرُ، فلا مِريةَ في عَدمِ صِحَّةِ هذا الوَجْهِ؛ لِلجَهلِ بعَينِ الوَكيلِ (١).

الشَّرطُ الثَّالثُ: عِلمُ الوَكيلِ بالوَكالةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكيلِ، هَلْ يُشترَطُ عِلمُه لصحَّةِ الوَكالةِ؟ أو لا يُشترَطُ ويَصحُّ تَصرُّفُه إذا وُكِّلَ ولَم يَعلَمْ بالوَكالةِ؟

فَذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّه يُشترَطُ لصحَّةِ الوَكالةِ عِلمُ الوَكيلِ بها، فلَو وكَّل رَجُلًا بطَلاقِ امرَأتِه والوَكيلُ غائِبٌ لا يَعلَمُ، فطَلَّقها، فالطَّلاقُ باطِلٌ، أو وكَّله بشِراءِ شَيءٍ فاشتَراه وهو لا يَعلَمُ بتَوكيلِه فالشِّراءُ باطِلٌ، وكَذلك سائِرُ العُقودِ؛ لأنَّ الوَكالةَ لا تَثبُتُ قبلَ عِلمِ الوَكيلِ بها، كما في العَزلِ، لا يَثبُتُ قبلَ عِلمِه (٢).

وذهَب الشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يُشترَطُ عِلمُ الوَكيلِ بالوَكالةِ، فلَو تصرَّفَ الوَكيلُ قبلَ العِلمِ بالوَكالةِ ثم بانَ وَكيلًا صَحَّ تَصرُّفُه.

وفي مُقابِلِ الأصَحِّ عندَ الشَّافِعيَّةِ: يُشترَطُ عِلمُ الوَكيلِ بها (٣).

وَقَدْ تَقدَّمتِ المَسألةُ في الرُّكنِ الأوَل -الصِّيغةِ- بشَيءٍ مِنْ التَّفصيلِ.


(١) «مواهب الجليل» (٧/ ١٣٤).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠، ٢١)، و «المبسوط» (١٩/ ١٢٧)، و «العناية» (١٠/ ٣٥٨، ٣٥٩)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٠٧)، و «ابن عابدين» (٧/ ٤٨).
(٣) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٨)، و «حاشية قليوبي وعميرة» (٢/ ٨٥١) «كشاف القناع» (٣/ ٥٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٢)، و «منار السبيل» (٢/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>