للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمتى تصرَّفَ الوَكيلُ بعدَ فَسخِ المُوكِّلِ فتَصرُّفُه باطِلٌ؛ لأنَّه رَفْعُ عَقدٍ لا يَفتَقِرُ إلى رِضا صاحِبِه، فلا يَفتَقِرُ إلى عِلمِه، كالطَّلاقِ والعَتاقِ، وضَمِن ما سلَّمَه؛ لأنَّ الجَهلَ لا يُؤثِّرُ في الضَّمانِ.

ونَصَّ الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنَّه لا يُقبَلُ قَولُ المُوكِّلِ أنَّه عزَل وَكِيلَه قبلَ تَصرُّفِه إلَّا ببيِّنةٍ بالعَزلِ؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ الوَكالةِ، وبَراءةُ ذِمَّةِ الوَكيلِ مِنْ ضَمانِ ما أَذِنَ له فيه بعدَ الوَقتِ الذي ادَّعى عَزلَه فيه (١).

وقالَ أبو جَعفَرٍ الطَّحاويُّ : الوَكالةُ ليسَتْ بحَقِّ الوَكيلِ، لَازِمٍ لِلمُوكِّلِ إخراجُه متى شاءَ، وإذا كانَ كَذلك وجَب ألَّا يُعتبَرَ عِلمُ الوَكيلِ بعَزلِه، وأنْ يَنعزِلَ متى عزَله، وإنْ لَم يَعلَمْ، ولَم يَختلِفوا في أنَّ المُوكِّلَ لو باعَ العَبدَ المُوكَّلَ ببَيعِه خرَج الوَكيلُ مِنْ الوَكالةِ كَذلك إذا عزَله، وإنْ لَم يَعلَمْ، وإذا ثَبَتَ ذلك في العَزلِ ففي المَوتِ أحْرَى (٢).

ثانيًا: مَوتُ المُوكِّلِ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَكالةَ تَنفسِخُ وتَبطُلُ بمَوتِ المُوكِّلِ؛ لأنَّ التَّوكيلَ بأمْرِ


(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥١٢)، و «البيان» (٦/ ٤٥٤، ٤٥٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٢٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٦، ٢١٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٥٩، ٦١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٦٣، ٦٤)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٦٩، ٨٧٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٢٣)، و «المغني» (٥/ ٧١)، و «شرح الزركشي» (١٥٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥١٨).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>