للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي أوْلى؛ لأنَّ اللَّامَ في التَّصرُّفاتِ الواقِعةِ في التَّعريفِ الأوَّلِ ظاهِرةٌ في الاستِغراقِ، وهو لا يَتحقَّقُ إلا في المَجنونِ دونَ الصَّبيِّ والسَّفيهِ، فإنَّ كلًّا منهما يَصحُّ منه بَعضُ التَّصرُّفاتِ الماليَّةِ، فالسَّفيهُ يَصحُّ منه التَّدبيرُ والوَصيَّةُ، والصَّبيُّ يَصحُّ منه إيصالُ الهَديَّةِ، وإذْنُه في دُخولِ الدارِ، ونَحوِ ذلك (١).

وقال الحَنابِلةُ: الحَجْرُ هو مَنْعُ الإنسانِ مِنَ التَّصرُّفِ في مالِه، سَواءٌ كانَ المَنْعُ مِنْ قِبَلِ الشَّرعِ، كالصَّغيرِ والمَجنونِ والسَّفيهِ، أو مِنْ قِبَلِ الحاكِمِ كمَنْعِه المُشتَريَ مِنَ التَّصرُّفِ في مالِه حتى يَقضيَ الثَّمَنَ الحالَّ (٢).

مَشروعيَّةُ الحَجرِ:

ثَبَتتْ مَشروعيَّةُ الحَجْرِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ.

أمَّا الكِتابُ: فقَولُ اللهِ تَعالَى: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فَسَّرَ الإمامُ الشافِعيُّ السَّفيهَ بالمُبذِّرِ، والضَّعيفَ بالصَّبيِّ أو الكَبيرِ المُختَلِّ، والذي لا يَستَطيعُ أنْ يُمِلَّ بالمَغلوبِ على عَقلِه، فأخبَرَ اللهُ تَعالَى بأنَّ هؤلاء يَنوبُ عنهم أولياؤُهم، فدَلَّ على ثُبوتِ الحَجْرِ عليهم (٣).

وقَولُه : ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ


(١) «الديباج» (٢/ ٢٣٣)، و «حاشية الشبرملسي على نهاية المحتاج» (٤/ ٤٠٥)، و «حاشية الجمل على شرح المنهج» (٣/ ٣٣٤).
(٢) «المغني» (٤/ ٢٩٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٣٧)، و «الروض المربع» (٢/ ٤٧)، و «منار السبيل» (٢/ ١٤٠).
(٣) «مغني المحتاج» (٣/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>