للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المالِكيةُ فقالُوا: إذا حُقنَ بلَبنٍ فوصَلَ إلى جَوفِه فإنها تُحرِّمُ، بشَرطِ كونِها غذاءً بالفعلِ وقتَ انصبابِها، وإنْ احتاجَ بعدَ ذلكَ لغِذاءٍ بالقُربِ فإنْ لم تَكنْ غِذاءً فإنها لا تُحرِّمُ.

وأما ما وصَلَ مِنْ مَنفذٍ عالٍ كأنفٍ فلا يُشترطُ فيه الغِذاءُ، بل مُجرَّدُ وُصولِه للجَوفِ كافٍ في التحريمِ (١).

اشتِراطُ تَعدُّدِ الرَّضعاتِ (الرَّضعاتُ التي تُحرِّمُ):

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشتَرطُ في الرَّضاعِ الَّذي يُحرِّمُ أنْ يَكونَ عَددًا مُعيَّنًا؟ أم مُجرَّدُ الرَّضاعِ ولو مَصَّةً واحِدةً تَصلُ إلى الجَوفِ تُحرِّمُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ قَليلَ الرَّضاعِ وكَثيرَه إذا حصَلَ في مدَّةِ الرضاعِ تَعلَّقَ به التَّحريمُ إنْ وصَلَ إلى الجَوفِ ولو مصَّةً واحِدةً؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣]، فحرَّمَ أمًّا أرضَعَتْ، والتي أرضَعَتْه مرَّةً واحدةً يَقعُ هذا الاسمُ عليها، فوجَبَ أنْ تحرمَ.

ولحَديثِ عائِشةَ مَرفوعًا: «يَحرمُ مِنْ الرَّضاعةِ ما يَحرمُ مِنْ الوِلادةِ»، وفي رِوايةٍ: «مِنْ النَّسبِ» (٢) مِنْ غَيرِ فَصلٍ، فلما حرَّمَ النبيُّ مِنْ الرَّضاعِ ما يَحرمُ مِنْ النَّسبِ وكانَ مَعلومًا أنَّ النسبَ متى


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ٢٢١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٧٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٦٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٦/ ١٤٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٤٤)، ومسلم» (٤٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>