للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: الكِسوةُ ما تُجزِئُ الصَّلاةُ به، للرَّجُلِ ثَوبٌ ولو عَتيقًا إذا لم تَذهَبْ قُوَّتُه، فإنْ بَليَ وذهَبَت مَنفَعَتُه لم يُجزِئْه؛ لأنَّه مَعيبٌ، أو قَميصٌ يُجزِئُه أنْ يُصلِّيَ فيه الفَرضَ بأنْ يَجعَلَ على عاتِقِه منه شَيئًا بَعدَ سَتْرِ عَورَتِه، أو ثَوبانِ يأتَزِرُ بأحَدِهما ويَرتَدي الآخَرَ، ولا يُجزِئُه مِئزَرٌ وَحدَه ولا سَراويلَ وَحدَها؛ لأنَّ الفَرضَ لا يُجزِئُ فيه.

وللمَرأةِ دِرعٌ -أي: قَميصٌ- وخِمارٌ يُجزِئُها أنْ تُصلِّيَ فيهما؛ لأنَّ ما دونُ ذلك لا يُجزِئُ لابِسَه في الصَّلاةِ ويُسَمَّى عُريانًا، وإنْ أَعطاها المُكفِّرُ ثَوبًا واسِعًا يُمكِنُ أنْ يَستُرَ الثَّوبُ بَدَنَها ورَأسَها أجَزأه إِناطةً بسَتْرِ عَورَتِها، ويَجوزُ أنْ يَكسوَهم مِنْ جَميعِ أَصنافِ الكِسوةِ مِمَّا يَجوزُ للآخِذِ لُبسُه مِنْ قُطنٍ وكَتَّانٍ وصُوفٍ وشَعرٍ ووَبَرٍ وخَزٍّ وحَريرٍ، وسَواءٌ كانَ مَصبوغًا أو لا، أو خامًا أو مَقصورًا، لعُمومِ الآيةِ (١).

التَّلفيقُ في الكَفارةِ أنْ يُطعِمَ بَعضًا ويَكسُوَ بَعضًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجوزُ أن يُلَفِّقَ في كَفارةِ اليَمينِ بأنْ يُطعِمَ مَثلًا خَمسةَ مَساكينَ ويَكسُوَ خَمسةَ مَساكينَ أو لا يَجوزُ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في وَجهٍ إلى أنَّه لا يُجزِئُ التَّلفيقُ في الكَفارةِ بينَ الإطعامِ والكِسوةِ، فإذا أطعَمَ خَمسةً وكَسا خَمسةً فإنَّه لا يُجزِئُ؛ لأنَّهما نَوعانِ مِنْ أَنواعِ الكَفارةِ فلم يَجُزْ إِخراجُ الكَفارةِ منهما كما لا يُجزِئُ إِعتاقُ نِصفِ رَقَبةٍ وإِطعامُ خَمسةٍ (٢).


(١) «كشاف القناع» (٦/ ٣٠٧، ٣٠٨)، و «الروض المربع» (٢/ ٦٠٣).
(٢) «المدونة الكبرى» (٣/ ١٢٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٦٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠٩)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٧٠)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ١٩٥)، و «البيان» (١٠/ ٥٩١)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢١٢)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٣١)، و «المبدع» (٩/ ٢٧٧)، و «الإنصاف» (١١/ ٣٩، ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>