للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَؤلاءِ: «فطَرَدَه، ثمَّ عادَ بعدَ ذلكَ فأقَرَّ فقالَ له عَليٌّ: شَهِدتَ على نَفسِكَ مرَّتينِ، فأمَرَ به فقُطعَ»، وفي لَفظٍ: «قد أقرَرْتَ على نَفسِكَ مرَّتينِ» (١)، وفي لَفظٍ: «لا يُقطَعُ السارقُ حتَّى يَشهدَ على نَفسِه مرَّتينِ» (٢)، ومِثلُ هذا يَشتهرُ فلمْ يُنكَرْ، ولأنه يَتضمنُ إتلافًا في حَدٍّ، فكانَ مِنْ شَرطِه التَّكرارُ كحَدِّ الزنا، ولأنه أحَدُ حُجَّتِي القَطعِ، فيُعتبَرُ فيه التَّكرارُ كالشهادةِ، ويُفارِقُ حَقَّ الآدَميِّ؛ لأنَّ حَقَّه مَبنيٌّ على الشُّحِّ والتضييقِ ولا يُقبَلُ رُجوعُه عنه، بخِلافِ مَسألتِنا.

ويُعتبَرُ أنْ يَذكرَ في إقرارِه شُروطَ السرقةِ مِنْ النِّصابِ والحِرزِ وإخراجِه منهُ (٣).

الرُّجوعُ عنِ الإقرارِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على الصَّحيحِ عندَهم على أنَّ مَنْ أقَرَّ على نَفسِه بالسَّرقةِ ثم رجَعَ عن إقرارِه قُبِلَ إقرارُه ولا يُقامُ حَدُّ القَطعِ عليهِ؛ لحَديثِ أبي أُميَّةَ المَخزوميِّ «أنَّ رَسولَ اللهِ أُتِيَ بلِصٍّ فاعتَرَفَ ولم يُوجَدْ معه مَتاعٌ، فقالَ له رَسولُ اللهِ : ما إِخالُكَ سَرَقْتَ، قالَ: بلى، مرَّتَينِ أو ثَلاثًا، قالَ: فقالَ رَسولُ اللهِ : اقطَعُوهُ ثمَّ جِيئوا به، فقَطَعوهُ ثمَّ جاؤُوا بهِ، فقالَ له رَسولُ اللهِ : قُلْ: استَغفرُ اللهَ وأتوبُ إليهِ، قالَ: استَغفرُ اللهَ وأتوبُ إليهِ، فقالَ رَسولُ اللهِ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٨٧٨٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الطحاوي (٢/ ٩٧)، والبيهقي (٨/ ٢٧٥).
(٣) «المغني» (٩/ ١١٩)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٣٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٢٤٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٤١، ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>