للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى هذا ذهَبَ بعضُ الشافِعيةِ، وقد رُويَ ذلك عن الإمامِ أحمدَ، قالَ ابنُ قُدامةَ: ولا يُسنُّ الاستِفتاحُ، قالَ أبو داودَ: سَمِعتُ أحمَدَ يُسألُ عن الرَّجلِ يَستفتِحُ الصَّلاةَ على الجنازةِ بسُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحَمدِكَ؟ قالَ: ما سَمِعتُ، قالَ ابنُ المنذِرِ: كانَ الثَّوريُّ يَستحِبُّ أنْ يَستفتِحَ في صَلاةِ الجنازةِ، ولَم نَجِدْه في كُتُبِ سائِرِ أهلِ العِلمِ، وقد رُويَ عن أحمدَ مِثلُ قَولِ الثَّوريِّ؛ لأنَّ الاستِعاذةَ فيها مَشروعةٌ فسُنَّ فيها الاستِفتاحُ كسائِرِ الصَّلواتِ.

ثم قالَ: ولنا أنَّ صَلاةَ الجنازةِ شُرعَ فيها التَّخفيفُ؛ ولهذا لا يُقرأُ فيها بعدَ الفاتِحةِ بشَيءٍ، وليسَ فيها رُكوعٌ ولا سُجودٌ، والتَّعوُّذُ سُنةٌ للقِراءةِ مُطلَقًا في الصَّلاةِ وغيرِها؛ لقَولِ اللهِ : ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)[النحل: ٩٨] (١).

ب- الاستِعاذةُ بعدَ التَّكبيرةِ الأُولى:

ذهَبَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُسنُّ التَّعوُّذُ في صلاةِ الجنازةِ؛ لأنَّ التَّعوُّذَ سُنَّةُ القُرآنِ مُطلَقًا في الصَّلاةِ وغيرِها؛ لقَولِ اللهِ : ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)[النحل: ٩٨].

وبالقياسِ على غيرِها، ولأنَّه مُختصَرٌ لا تَطويلَ فيه، فأشبَهَ التأمينَ.

وذهَبَ الشِّيرازيُّ وأكثَرُ العِراقيِّين مِنْ الشافِعيةِ إلى أنَّه لا يُستحَبُّ (٢).


(١) «المغني» (٣/ ٢٤٣)، و «المجموع» (٦/ ٣١٠)، و «الأذكار» (١/ ٣٧).
(٢) «المجموع» (٦/ ٣١١)، و «المغني» (٣/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>