للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: أنَّه فِعلٌ مُحرَّمٌ جازَ المَنعُ منه في المِصرِ؛ فجازَ في السَّوادِ كقَتلِ النَّفسِ المُحرَّمةِ (١).

عمَلُ المُسلِمِ في الكَنيسةِ:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ على أنَّه لا يَجوزُ للمُسلِمِ أنْ يَعملَ لأهلِ الذِّمةِ في الكَنيسةِ نَجارًا أو بَنَّاءً أو غيرَ ذلك؛ لأنَّ في هذا إعانةً على المَعصيةِ، ومن خَصائصِ دِينِهم الباطلِ، ولأنَّه إجارةٌ تتضَمَّنُ تَعظيمَ دِينِهم وشَعائِرهم.

قالَ الحَطَّابُ المالِكيُّ : وعَكسُ هذه المَسألةِ أنْ يُؤاجِرَ المُسلِمُ نَفسَه لكَنسِ كَنيسةٍ أو نَحوِ ذلك، أو ليَرعى الخَنازيرَ أو ليَعصِرَ لهم خَمرًا؛ فإنَّه لا يَجوزُ، ويُؤدَّبُ المُسلِمُ إلا أنْ يُعذَرَ بجَهلٍ.

واختُلفَ هل الأُجرةُ مِنْ الكافرِ يُتصدَّقَ بها أو لا؟

قالَ ابنُ القاسِمِ: التَّصدُّقُ بها أحَبُّ إلينا، قالَه في التَّوضيحِ (٢).

وقالَ ابنُ القَيمِ : وتَلخيصُ مَذهبِه (أي: الإمامِ أحمدَ): أنَّ إجارةَ المُسلِمِ نَفسَه للذِّميِّ ثَلاثةُ أنواعٍ:

أحَدُها: إجارةٌ على عَملٍ في الذِّمةِ فهذه جائِزةٌ.

الثانِية: إِجارةٌ للخِدمةِ، فهذه فيها رِوايتانِ مَنصوصَتانِ أَصحُّهما المَنعُ منها.

الثالِثةُ: إِجارةُ عَينِه منه لغيرِ الخِدمةِ، فهذه جائِزةٌ، وقد آجَرَ علِيٌّ


(١) «المغني» (٧/ ٤٣٣).
(٢) «مواهب الجليل» (٥/ ٤٢٤)، و «منح الجليل» (٧/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>