اختَلفَ الفُقهاءُ في الشَّهادةِ على النِّكاحِ والطَّلاقِ هل تُقبلُ شَهادةُ النِّساءِ معَ الرِّجالِ في ذلك أو لا يُقبلُ إلا الرِّجالُ فقط؟
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ شَهادةَ النِّساءِ لا تُقبلُ في الحُدودِ والقِصاصِ، وما سِوى ذلك من الحُقوقِ يُقبلُ فيه رَجلانِ أو رَجلٌ وامرَأتانِ، سَواءٌ كانَ الحَقُّ مالًا أو غيرَ مالٍ، مِثلَ: النِّكاحِ والطَّلاقِ والوَكالةِ والوَصيةِ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]. جَعَل اللهُ ﷾ لرَجلٍ وامرأتَينِ شَهادةً على الإطلاقِ؛ لأنَّه ﷾ جعَلَهم من الشُّهداءِ، والشاهِدُ المُطلَقُ مَنْ له شَهادةٌ على الإطلاقِ فاقتَضَى أنْ يَكونَ لهم شَهادةٌ في سائِرِ الأَحكامِ إلا ما قُيِّد بدَليلٍ.
ورُويَ عن سَيِّدِنا عُمرَ ﵁«أنَّه أجازَ شَهادةَ النِّساءِ معَ الرِّجالِ في النِّكاحِ والفُرقةِ» ولم يُنقَلْ أنَّه أنكَرَ عليه مُنكِرٌ من الصَّحابةِ، فكانَ إِجماعًا منهم على الجَوازِ، ولأنَّ شَهادةَ رَجلٍ وامرأتَينِ في إظهارِ المَشهودِ به مِثلُ شَهادةِ رَجلَينِ لرُجحانِ جانِبِ الصِّدقِ فيها على جانِبِ الكَذِبِ بالعَدالةِ، لا أنَّها لم تُجعَلْ حُجةً فيما يُدرأُ بالشُّبهاتِ لنَوعِ قُصورٍ وشُبهةٍ فيها لما ذكَرْنا وهذه الحُقوقُ تَثبُتُ بدَليلٍ فيه شُبهةٌ (١).
(١) «أحكام القرآن» (٢/ ٢٣١، ٢٣٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «الاختيار» (٢/ ١٦٨)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٤٣).