للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الوجهِ كانَ دَمُه هَدرًا، وكذلكَ إذا طَلَبوا دَمَه كانَ له أنْ يَدفعَهم ولو بالقَتلِ إجماعًا، لكنَّ الدفعَ عن المالِ لا يَجبُ، بل يَجوزُ له أنْ يُعطيَهم المالَ ولا يُقاتلَهم، وأما الدفعُ عن النَّفسِ ففِي وُجوبِه قَولانِ هُما رِوايتانِ عن أحمَدَ (١).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : الإجماعُ بأنَّ مَنْ شهَرَ على آخَرَ سِلاحًا ليَقتلَه فدفَعَ عن نَفسِه فقتَلَ الشاهِرَ أنه لا شيءَ عليهِ (٢).

ثُبوتُ حَدِّ الحِرابةِ:

يَثبتُ حَدُّ الحِرابةِ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ بشَهادةِ عَدلينِ، وزادَ المالِكيةُ أنَّ المُحارِبَ إذا كانَ مَشهورًا وكانَ حالُه في الحِرابةِ مُستفيضًا فشَهدَ عليه رَجلانِ يَعرفانِه بعَينِه وقالَا: «إنَّ هذا هو فُلانٌ المَشهورُ بالحِرابةِ» تَثبتُ الحِرابةُ بشَهادتِهما، أو أقامَ الإمامُ عليه الحَدَّ بهذه الشهادةِ وقتَلَه وإنْ لم يَشهدَا عليه بمُعايَنةِ القتلِ والسلبِ وقَطعِ الطَّريقِ (٣).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفوا فيما لو شَهدَ شاهِدانِ مِنْ الرِّفقةِ أنَّ هَؤلاءِ عَرَضوا لنا فنَالُونا وأخَذُوا مَتاعَنا، هل تَجوزُ شَهادتُهما أم لا؟


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ٢٤٢).
(٢) «فتح الباري» (١٢/ ٢٢٢).
(٣) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٠٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٦٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>