للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوايةُ الأُخرَى -وهيَ رِوايةُ ابنِ سَماعَةَ عن مُحمدِ بنِ الحَسنِ- أنَّه يَصيرُ مُقيمًا مِنْ غيرِ هذَينِ الشَّرطَينِ، كما هو ظاهرُ الرِّوايةِ.

والمالِكيةُ يَشتَرطونَ مَسافةَ القَصرِ إن كانَت فيه الإِقامةُ في ابتِداءِ السَّيرِ، فإن كانَت في أثنائِه فلا تُشترطُ المَسافةُ على المُعتمَدِ (١).

ما يَنتقِضُ به وطَنُ الإِقامةِ:

وطَنُ الإِقامةِ يَنتقِضُ بالوطَنِ الأصلِيِّ لأنَّه فوقَه، وبوطَنِ الإِقامةِ أيضًا؛ لأنَّه مِثلُه، والشَّيءُ يَجوزُ أن يُنسخَ بمِثلِه، سَواءٌ كانَ بينَهما مَسيرةُ سَفرٍ أو لا، ويَنتقِضُ بالسَّفرِ أيضًا؛ لأنَّ تَوطُّنَه في هذا المَقامِ ليسَ للقَرارِ، ولكِن لِحاجةٍ، فإذا سافَرَ منه يَستدِلُّ به على قَضاءِ حاجَتِه، فصارَ مُعرِضًا عن التَّوطُّنِ به، فصارَ ناقِضًا له دِلالةً، ولا يَنتقِضُ وطَنُ الإِقامةِ بوطَنِ السُّكنَى؛ لأنَّه دُونَه؛ فلا يَنسَخُه (٢).

وطَنُ السُّكنَى:

هو أن يَقصدَ -يَنوِيَ- الإِنسانُ المُقامَ في غيرِ بَلدَتِه أقَلَّ مِنْ المدَّةِ القاطِعةِ للسَّفرِ -خَمسةَ عشَرَ يَومًا- وشَرطُه: نيَّةُ عدمِ الإِقامةِ المدَّةَ القاطِعةَ للسَّفرِ -خَمسَةَ عشَرَ يَومًا-، ولذلك يُعَدُّ مُسافِرًا بهذه النِّيةِ، وإن طالَ مُقامُه؛


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ١٠٤)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٤٣)، و «ابن عابدين» (٢/ ١٣٢)، و «الهندية» (١/ ١٤٢)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٦٢، ٣٦٤٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ١٠٤)، و «ابن عابدين» (٢/ ١٣٢، ١٣٣)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٨٠)، و «مجمع الأنهُر» (١/ ٢٤٣)، و «البحر الرائق» (٢/ ١٤٨)، و «العناية شرح الهداية» (٢/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>