للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشروعيَّةُ الأذانِ والإقامةِ:

اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّ الأذانَ والإقامةَ مَشروعانِ بالكتابِ والسُّنةِ والإجماعِ، وأنَّهما مِنْ خَصائِصِ الإسلامِ، ومِن شَعائرِه الظَّاهرةِ.

أمَّا الكتابُ: فقد ذُكر الأذانُ في مَوضِعَينِ:

الأوَّلُ: قولُه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: ٩].

والآخَرُ: قولُه تَعالى: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: ٥٨].

قالَ ابنُ الجَوزِيِّ: في سَببِ نُزولِها قَولانِ:

أحدُهما: أنَّ مُناديَ رَسولِ اللهِ كانَ إذا نادَى إلى الصَّلاةِ، وقامَ المُسلِمونَ إليها، قالَتِ اليَهودُ: قامُوا، لا قاموا، صَلوا، لا صَلوا. على سَبيلِ الاستِهزاءِ والضَّحِكِ، فنَزَلت هذه الآيةُ، قاله ابنُ السائِبِ.

والآخَرُ: أنَّ الكُفارَ لمَّا سَمِعوا الأذانَ حَسَدوا رَسولَ اللهِ والمُسلِمِينَ على ذلك، وقالوا: يا مُحمدُ، لقد أبدَعتَ شَيئًا لم نَسمَع به فيما مَضَى مِنْ الأُمَمِ الخالِيةِ، فإن كُنْتَ تَدَّعي النُّبوَّةَ فقد خالَفتَ في هذا الأذانِ الأنبياءَ قبلَكَ، فما أقبَحَ هذا الصَّوتَ وأسمَجَ هذا الأمرَ! فنَزَلت هذه الآيةُ. ذكرَه بَعضُ المُفَسِّرينَ، وقالَ السُّدِّيُّ: كانَ رَجلٌ مِنْ النَّصارَى بالمَدينةِ إذا سمِع المُنادِي يُنادِي: أشهَدُ أنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ، قالَ: حُرِقَ الكاذِبُ. فدخلَت خادِمَتُه ذاتَ لَيلةٍ بنارٍ وهو نائِمٌ وأهلُه نِيامٌ، فسَقَطت شَرارةٌ فأحرَقَتِ البَيتَ، فاحتَرَقَ هو وأهلُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>