للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: الموت:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ أحَدَ الزَّوجَينِ إذا ماتَ قبْلَ الدُّخولِ أو الخَلوةِ فإنَّ المَهرَ يَجبُ كامِلًا للمَرأةِ أو لورَثتِها إنْ كانَتْ هيَ المُتوفَّاةَ إذا كانَ النِّكاحُ صَحيحًا وكانَ مَفروضًا لها؛ لإجماعِ الصَّحابةِ على ذلكَ، ولأنهُ لا يَبطُلُ بهِ النِّكاحُ، بدَليلِ التَّوارُثِ بيْنَهما إجماعًا، وإنَّما هوَ نهايةٌ لهُ، ونهايةُ العَقدِ كاستيفاءِ المَعقودِ عليهِ، بدَليلِ الإجارَةِ.

قالَ ابنُ رُشدٍ : واتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ الصَّداقَ يَجبُ كلُّهُ بالمَوتِ … ولا أعلَمُ الآنَ فيهِ دَليلًا مَسموعًا إلَّا انعِقادَ الإجماعِ على ذلكَ (١).

وقالَ الإمامُ السُّيوطيُّ : بمَوتِ أحَدِ الزَّوجَينِ يَستقرُّ المَهرُ بالاتِّفاقِ (٢).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وأمَّا التَّأكدُ بمَوتِ أحَدِ الزَّوجَينِ فنَقولُ: لا خِلافَ في أنَّ أحدَ الزَّوجَينِ إذا ماتَ حَتْفَ أنفِهِ قبْلَ الدُّخولِ في نِكاحٍ فيهِ تَسميةٌ أنهُ يَتأكَّدُ المُسمَّى، سَواءٌ كانَتِ المَرأةُ حرَّةً أو أمَةً؛ لأنَّ المَهرَ كانَ واجِبًا بالعَقدِ، والعَقدُ لَم يَنفسخْ بالموتِ بلِ انتَهى نهايتَهُ؛ لأنهُ عَقدٌ للعُمرِ فتَنتَهي نهايتُه عِنْدَ انتِهاءِ العُمرِ، وإذا انتَهى يَتأكَّدُ فيما مَضى ويَتقرَّرُ، بمَنزلةِ الصَّومِ يَتقرَّرُ بمَجيءِ اللَّيلِ فيَتقرَّرُ الواجِبُ، ولأنَّ كُلَّ المَهرِ لَمَّا وجَبَ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٧).
(٢) «جواهر العقود» (٢/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>