للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقِلتِها بالدِّيةِ، وكانَتْ حامِلًا فقَضَى في الجَنينِ بغُرَّةٍ، فقالَ بعضُ عصَبَتِها: أنَدِي مِنْ لا طَعِمَ ولا شَرِبَ ولا صاحَ فاستَهلَّ، ومِثلُ ذلكَ يُطلُّ؟ قالَ: فقالَ: سَجعٌ كسَجعِ الأعرَابِ» (١).

والعاقِلةُ لا تَحملُ العَمدَ، فدَلَّ على أنَّ القَتلَ بعَمودِ الفُسطاطِ ليسَ بعَمدٍ، وإنْ كانَ أعظَمَ منه فهو عَمدٌ؛ لأنه يَقتلُ غالِبًا.

ومِن هذا النَّوعِ أنْ يُلقيَ عليهِ حائِطًا أو صَخرةً أو خَشبةً عَظيمةً أو ما أشبَهَ ممَّا يُهلكُه غالِبًا فيُهلكَه ففيهِ القَودُ؛ لأنه يَقتلُ غالِبًا (٢).

ثانيًا: أنْ يَضربَه بمُثقلٍ صَغيرٍ كالعَصَى والسَّوطِ والحَجرِ الصَّغيرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو ضرَبَه بمُثقَّلٍ صَغيرٍ كالحَجرِ الصَّغيرِ أو السَّوطِ أو العصَى فماتَ، هل يَجبُ فيه القِصاصُ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ -في الجُملةِ- المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ مَنْ ضرَبَ غيرَه بمُثقَّلٍ صَغيرٍ كالعصَى والسَّوطِ والحَجرِ الصَّغيرِ فماتَ وجَبَ فيه القِصاصُ.

قالَ المالِكيةُ: شَرطُ القَتلِ المُوجِبِ للقِصاصِ أنْ يَقصدَ القاتلُ الضَّربَ، ولا يُشترطُ قَصدُ القَتلِ، فإذا قصَدَ ضرْبَه بما يَقتلُ غالِبًا فماتَ مِنْ ذلكَ فإنه يُقتصُّ له، وكذا إذا قصَدَ ضرْبَه بما لا يَقتلُ غالبًا كضَربِه بحَجرٍ أو بلَطمةٍ أو


(١) أخرجه مسلم (١٦٨٢).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «الكافي» (٤/ ١٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٥، ٥٩٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧، ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>