للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبييتُ نيَّةِ الفِطرِ من اللَّيلِ لِمَنْ أرادَ السَّفرَ:

قال الإمامُ ابنُ عَبدِ البَرِّ : واتَّفَقوا في الذي يُريدُ السَّفرَ في رَمضانَ أنَّه لا يَجوزُ له أنْ يُبيِّتَ الفِطرَ؛ لأنَّ المُسافِرَ لا يَكونُ مُسافِرًا بالنيَّةِ وإنَّما يَكونُ مُسافِرًا بالنُّهوضِ في سَفرِه أو بالأخذِ في أُهبَتِه، وليست النيَّةُ في السَّفرِ كالنيَّةِ في الإقامةِ؛ لأنَّ المُسافِرَ إذا نَوى الإقامةَ كان مُقيمًا في الحينِ؛ لأنَّ الإقامةَ لا تَفتَقِرُ إلى عَملٍ، والمُقيمَ إذا نَوى السَّفرَ لم يَكُنْ مُسافِرًا حتى يأخُذَ في سَفرِه ويَبرُزَ عن الحَضرِ فيَجوزَ له حينَئِذٍ تَقصيرُ الصَّلاةِ وأحكامُ المُسافِرِ إلا مِنْ جَعلِ تأهُّبِه لِلسَّفرِ وعَملِه فيه كالسَّفرِ والبُروزِ عن الحَضرِ لَزِمه ألَّا يَجِبَ عليه في أكلِه قبلَ خُروجِه.

وقد أجمَعوا على أنَّه لو مَشى في سَفرِه حتى تَغيبَ بُيوتُ القَريةِ والمِصرِ فنزَل فأكَل ثم أعاقَه عائِقٌ عن النُّهوضِ في ذلك السَّفرِ لم تَلزَمْه كَفَّارةٌ (١).

وَقتُ جَوازِ الفِطرِ لِلمُسافِرِ:

في وَقتِ جَوازِ الفِطرِ لِلمُسافِرِ ثَلاثةُ أحوالٍ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يَبدأَ السَّفرَ قبلَ الفَجرِ، أو يَطلُعَ الفَجرُ وهو مُسافِرٌ ويَنويَ الفِطرَ، فيَجوزُ له الفِطرُ إجماعًا؛ لأنَّه ابتَدأ السَّفرَ في زَمانٍ يَجوزُ له الفِطرُ فيه، ولأنَّه مُتَّصِفٌ بالسَّفرِ عندَ وُجودِ سَببِ الوُجوبِ (٢).


(١) «الاستذكار» (٣/ ٣٠٨).
(٢) «الحاوي الكبير» (٣/ ٤٢٨)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣٦٩)، و «المجموع» (٧/ ٤٣٢)، و «الدر المختار» (٣/ ١٢٢، ١٢٣)، و «مراقي الفلاح» (٣٦٩)، و «القوانين الفقهية» (٨٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٤٥)، و «حاشية العدوي» (١/ ٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>