وقال الحَنفيَّةُ أيضًا: وإذا اشتَرى شريكا العِنانِ أمتِعةً، ثم قال أحَدُهما لِصاحِبِه: لا أعمَلُ معك بالشَّركةِ، وغاب، فعمِل الحاضِرُ بالأمتِعةِ، فما اجتمَع كان لِلعاملِ، وهو ضامِنٌ لِقيمةِ نَصيبِ شَريكِه، لأنَّ قَولَه: لا أعمَلُ معك، بمَنزلةِ قَولِه: فاسَختُك الشَّركةَ، وأحَدُ الشَّريكَيْن إذا فسَخ الشَّركةَ، ومالُ الشَّركةِ عُروضٌ، صَحَّ فَسخُه، بخِلافِ المُضاربةِ.
والفَرقُ أنَّ مالَ الشَّركةِ في أيديهما معًا، ووِلايةُ التَّصرُّفِ إليهما جَميعًا، فيَملِكُ كلٌّ نَهيَ صاحِبِه عن التَّصرُّفِ في مالِه نَقدًا كان أو عُروضًا، بخِلافِ مالِ المُضاربةِ؛ لأنَّه بعدَما صارَ عُروضًا ثبَت حَقُّ المُضارِبِ فيه؛ لِاستِحقاقِه رِبحَه، وهو المُنفرِدُ بالتَّصرُّفِ فلا يَملِكُ رَبُّ المالِ نَهيَه (١).
ما يَجوزُ لِلشَّريكَيْن أنْ يَفعَلاه في مالِ الشَّركةِ وما لا يَجوزُ:
١ - السَّفرُ بمالِ الشَّركةِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ أحَدَ الشَّريكَيْن لو أذِنَ لِشَريكِه بالسَّفرِ بمالِ الشَّركةِ فسافَرَ؛ فإنَّه لا يَضمَنُ إذا تَلِف مالُ الشَّركةِ.
واتَّفقوا أيضًا على أنَّه لو نَهى شَريكَه عن السَّفرِ بمالِ الشَّركةِ فسافَر بعدَ النَّهيِ وتَلِف مالُ الشَّركةِ؛ فإنَّه يَضمنُ حِصَّةَ شَريكِه؛ لأنَّه يَكونُ قد نقَل حِصَّةَ شَريكِه بلا إذنٍ، وكذلك لو قال أحَدُهما لِآخَرَ: اذهَبْ أنتَ حتى دِمَشقَ -الشامِ- ولا تَتجاوَزْها؛ فإذا تَجاوَزَ دِمشقَ وذهَب إلى بغدادَ وتَلِف مالُ الشَّركةِ يَضمنُ حِصَّةَ شَريكِه.
(١) «البحر الرائق» (٥/ ١٩٩)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٤٢)، وابن عابدين (٤/ ٣٢٧)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٢/ ١١٧)، و «الهندية» (٢/ ٣٢٧).