الصِّيغةُ هي الرُّكنُ الرابِعُ من أَركانِ الإِيصاءِ، وهي الإِيجابُ والقَبولُ، والفُقهاءُ مُتَّفِقون في الجُملةِ على أنَّ الإِيصاءَ لا يَصحُّ إلا بالإِيجابِ والقَبولِ.
أولاً: الإِيجابُ:
نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّ الإِيجابَ يَحصُلُ بكلِّ لَفظٍ يَدلُّ على مَعناه، ك «أَوصَيت له بكذا، أو هو وَصيِّي» أو ما يَقومُ مَقامَ ذلك في الدِّلالةِ على تَفويضِه الأمرَ إليه بعدَ مَوتِه.
قالَ الحَنفيةُ: الصِّيغةُ أنْ يَقولَ: «أَوصَيتُ بكذا لفُلانٍ»، وما يَجري مَجراه من الأَلفاظِ المُستَعمَلةِ فيها (١).
قالَ الحَنفيةُ: الإِيصاءُ يَحصُلُ بكلِّ لَفظٍ يَدلُّ عليه، فإذا قالَ:«أنتَ وَصيِّي، أو أنتَ وَصيِّي في مالِي، أو سلَّمتُ إليكَ الأَولادَ بعدَ مَوتي، أو تَعهَّدْ أَولادي بعدَ مَوتي، أو قُمْ بلَوازِمِهم بعدَ مَوتي» أو ما جَرى مَجرى هذه الأَلفاظِ، يَكونُ وَصيًّا، وكذا إذا قالَ:«أنتَ وَكيلي بعدَ مَوتي» يَكونُ وَصيًّا، و «أنت وَصيِّي في حَياتي» يَكونُ وَكيلًا؛ لأنَّ كلًّا منهما إِقامةٌ للغيرِ مَقامَ نَفسِه فيَنعقِدُ كلٌّ منهما بعِبارةِ الآخَرِ.
وكذا إذا قالَ:«افعَلوا كذا بعدَ مَوتي» فالكلُّ أَوصياءُ، ولو سَكَتوا حتى ماتَ فقبِلَ منهم اثنان أو أكثَرُ فهُم أَوصياءُ، ولو قبِلَ واحِدٌ لم يَتصرَّفْ حتى
(١) «العناية» (١٦/ ٥٥)، و «الدر المختار» (٦/ ٦٥٠)، و «الهندية» (٦/ ٩٠).