سَواءٌ كانَ الإِكراهُ على الإِقرارِ في حَقٍّ مِنْ حُقوقِ اللهِ تَعالى أو في حُقوقِ الآدَميِّ.
إلا أنَّ الحَنابِلةَ قالوا: إنْ أقَرَّ بغَيرِ ما أُكرِهَ عليه مِثلَ أنْ يُكرَهَ على الإِقرارِ لرَجلٍ فأقَرَّ لغَيرِه أو بنَوعٍ مِنْ المالِ، فيُقِرَّ بغَيرِه، أو على الإِقرارِ بطَلاقِ امرَأةٍ فأقَرَّ بطَلاقِ أُخرى أو أقَرَّ بعِتقِ عَبدٍ، صَحَّ؛ لأنَّه أقَرَّ بما لم يُكرَهْ عليه، فصَحَّ كما لو أقَرَّ به ابتِداءً، ولو أُكرِهَ على أَداءِ مالٍ فباعَ شَيئًا مِنْ مالِه ليُؤَديَ ذلك صحَّ بَيعُه؛ لأنَّه لم يُكرَهْ على البَيعِ.
ومَن أقَرَّ بحَقٍّ ثم ادَّعَى أنَّه كانَ مُكرَهًا لم يُقبَلْ قَولُه إلا ببَيِّنةٍ سَواءٌ أقَرَّ عندَ السُّلطانِ أو عندَ غَيرِه؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُ الإِكراهِ إلا أنْ يَكونَ هُناكَ دِلالةٌ على الإِكراهِ كالقَيدِ والحَبسِ والتَّنكيلِ به، فيَكونُ القَولُ قَولَه مع يَمينِه؛ لأنَّ هذه الحالَ تَدلُّ على الإِكراهِ.
ولو ادَّعَى أنَّه كانَ زائِلَ العَقلِ حالَ إِقرارِه لم يُقبَلْ قَولُه إلا ببَيِّنةٍ؛ لأنَّ الأصلَ السَّلامةُ حتى يُعلَمَ غَيرُها، ولو شهِدَ الشُّهودُ بإِقرارِه لم تَفتَقِرْ صِحةُ الشَّهادةِ إلى أنْ يَقولوا طَوعًا في صِحةِ عَقلِه؛ لأنَّ الظاهِرَ سَلامةُ الحالِ وصِحةُ الشَّهادةِ (١).