للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوى الخَطيبُ بسَندِه عن مُحمدِ بنِ الحُسينِ الأَنماطيِّ، قالَ: كُنا في مَجلسٍ فيه يَحيى بنِ مَعينٍ وأبو خَيثمةَ زُهيرُ بنُ حَربٍ، وجَماعةٌ من كِبارِ العُلماءِ، فجَعَلوا يُثنونَ على أَحمدَ بنِ حَنبلٍ، ويَذكرونَ فَضائِلَه، فقالَ رَجلٌ: لا تُكثِروا بَعضَ هذا القَولِ، فقالَ يَحيى بنُ مَعينٍ: وكَثرةُ الثَّناءِ على أَحمدَ ابنِ حَنبلٍ تُستنكَرُ؟ لو جلَسْنا بالثَّناءِ عليه، ما ذَكَرنا فَضائِلَه بكَمالِها (١).

٤ - زُهدُه :

قالَ صالِحُ بنُ أَحمدَ بنِ حَنبلٍ: كانَ كَثيرًا ما يَأتدِمُ بالخَلِّ، وربَّما رأيتُه يأكُلُ الكِسَرَ، فيَنفُضُ الغُبارَ عنها، ثم يُصيِّرُها في قَصعةٍ، ويَصبُّ عليها الماءَ، حتى تَلينَ، ثم يَأكلُه بالمِلحِ، وما رأيتُه قَطُّ اشتَرى رُمَّانًا، ولا سَفَرجلًا، ولا شَيئًا من الفاكِهةِ، إلا أنْ يَشتريَ بِطيخةً، فيأكُلَها بالخُبزِ، أو عِنبًا، أو تَمرًا، فأمَّا غيرُ ذلك فما رأيتُه، وما اشتَراه، وكانَ ربَّما اشتَرَينا الشَّيءَ فنَستُرُه عنه، حتى لا يَرانا؛ فيُوبِّخَنا على ذلك (٢).

قالَ صالِحٌ: ودخَلَ يَومًا إلى مَنزلي، وقد غيَّرنا سَقفًا لنا، فدَعاني ثم أَملى عليَّ حَديثَ الأَحنفِ بنِ قَيسٍ، قالَ: حَدَّثنا سُليمانُ بنُ حَربٍ قالَ: حَدَّثنا حَمادُ بنُ سَلمةَ، عن يُونسَ، عن الحَسنِ، قالَ: قدِمَ الأَحنفُ بنُ قَيسٍ من سَفرٍ، وقد غُيِّرَ أسقُفُ بَيتِه بحُمرٍ وشَقائقَ وخَضَّروها، فقالوا له: أمَا تَرى


(١) «تاريخ بغداد» (٤/ ٤٢١).
(٢) «فتح الباري» (٥/ ٥٠)، و «سيرةُ الإمامِ أَحمدَ» لأَبي الفَضلِ صالحِ بنِ حَنبلٍ (٤١) تَحقيق فُؤاد عَبد المُنعم ط دار الدعوة، وذكَرَه العُليميُّ في «المنهج الأحمد» (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>