للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوَّلاً: الصِّيغةُ الإيجابُ والقَبولُ:

اتَّفق الفُقهاءُ إلى أنَّه يُشترطُ الإيجابُ والقَبولُ في الصِّيغةِ، ولا يُشترطُ لها لَفظٌ مُعيَّنٌ؛ وإنَّما تَنعقِدُ بكلِّ ما يَدلُّ على المُضاربةِ.

قال الحَنفيَّةُ: ورُكنُها الإيجابُ والقَبولُ، وذلك بألفاظٍ تَدُلُّ عليها، فالإيجابُ هو لَفظُ المُضاربةِ والمُقارَضةِ والمُعامَلةِ، وما يُؤدِّي مَعنى هذه الألفاظِ بأنْ يَقولَ رَبُّ المالِ: «دَفعتُ إليكَ هذا المالَ مُضارَبةً، أو مُعامَلةً، أو مُقارَضةً»، أو: «خُذْ هذا المالَ واعمَلْ فيه مُضارَبةً على أنَّ ما رزَق اللهُ مِنْ شَيءٍ فهو بينَنا على كذا مِنْ نِصفٍ أو رُبعٍ أو ثُلثٍ أو غَيرِ ذلك مِنَ الأجزاءِ المَعلومةِ»، أو قال: «ابتَعْ به مَتاعًا فما كان مِنْ فَضلٍ فلَك منه كذا»، أو: «خُذْ هذا بالنِّصفِ»، فيَقولَ المُضارِبُ: «قَبِلتُ أو أخَذتُ، أو رَضيتُ»، ونَحوَ ذلك.

ولو قال: «خُذْ هذا المالَ واعمَلْ به على أنَّ ما رزَق اللهُ ﷿ مِنْ شَيءٍ فهو بينَنا على كذا»، ولَم يَزِدْ على هذا، فهو جائِزٌ؛ لأنَّه أتى بلَفظٍ يُؤدِّي مَعنى هذا العَقدِ، ولأنَّ العِبرةَ في العُقودِ بمَعانيها، لا بصُورِ الألفاظِ حتى يَنعقِدَ البَيعُ بلَفظِ التَّمليكِ بلا خِلافٍ، ويَنعقِدُ النِّكاحُ بلَفظِ البَيعِ والهِبةِ والتَّمليكِ عندَنا.

وذكَر في الأصلِ: لو قال: «خُذْ هذه الألفَ فابتَعْ بها مَتاعًا، فما كان مِنْ فَضلٍ فلك النِّصفُ»، ولَم يَزِدْ على هذا، فقَبِلَ هذا، كان مُضارَبةً استِحسانًا، والقياسُ ألَّا يَكونَ مُضارَبةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>