للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ ديَةَ الخُنثَى المُشكِلِ نِصفُ ديَةِ ذَكرٍ ونِصفُ ديَةِ أُنثى، وذلكَ ثَلاثةُ أرباعِ ديَةِ الذَّكرِ؛ لأنه يَحتملُ الذُّكوريةَ والأُنوثيةَ احتِمالًا على السَّواءِ، فيَجبُ التوسُّطُ بينَهُما كالمِيراثِ، والحُكمُ في جِراحِه كالحُكمِ في دِيتِه، فإنْ كانَتْ دونَ الثُّلثِ استَوى الذَّكرُ والأُنثى، وفيما زادَ ثَلاثةُ أرباعِ ديَةِ حُرٍّ ذَكرٍ (١).

رابعًا: ديَةُ الكِتابيِّ والمجُوسيِّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في ديةِ الكِتابيِّ اليَهوديِّ أو النصرانِيِّ والمَجوسيِّ، هل هيَ كدِيَةِ المُسلمِ؟ أم على النِّصفِ مِنْ ديَةِ المُسلمِ؟ أم على الثُّلثِ مِنْ دِيةِ المُسلمِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ ديَةَ الكِتابيِّ اليَهوديِّ أو النصرانِيِّ والمَجوسيِّ مِنْ أهلِ الذمَّةِ وكذا المُستأمنُ نَفسُ ديَةِ المُسلمِ مِائةٌ مِنْ الإبلِ، رِجالُهم كرِجالِهم ونِساؤُهم كنِسائِهم، وكذلكَ جِراحاتُهم وجِناياتُهم بينَهُم، وما دُونَ النَّفسِ في ذلكَ سَواءٌ، فإنْ كانَتْ لهُم مَعاقلُ يَتعاقلونَ على عَواقلِهم، وإنْ لم يَكنْ لهم مَعاقِلُ ففِي مالِ الجاني؛ وهذا لأنهُم بعَقدِ الذمَّةِ التَزمُوا أحكامَ الإسلامِ فيما يَرجعُ إلى المُعاملاتِ، فيَثبتُ فيما بينَهُم مِنْ الحُكمِ ما هو ثابِتٌ بينَ المُسلمينَ، ودِيتُهم مثلُ ديَةِ أحرارِ المُسلمينَ.

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ


(١) «مواهب الجليل» (٨/ ٤٥٠)، و «الكافي» (٤/ ٧٩)، و «المبدع» (٨/ ٣٥١)، و «الإنصاف» (١٠/ ٦٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>