للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وردَ في ذلك عن الصَّحابةِ والتَّابِعينَ ما أخرَجه الحاكِمُ بسَنَدٍ قَويٍّ عن ابنِ مَسعودٍ قالَ: «يَتَشهَّدُ الرَّجلُ ثم يُصلِّي على النَّبيِّ ثم يَدعُو لِنَفسِهِ». وهذا أقوَى شَيءٍ يُحتَجُّ به لِلشافِعيِّ، فإنَّ ابنَ مَسعودٍ ذكرَ أنَّ النَّبيَّ علَّمهمُ التشهُّدَ في الصَّلاةِ، وأنَّه قالَ: «ثم ليَتخَيَّر مِنْ الدُّعاءِ مَا شَاءَ». فلمَّا ثَبت عن ابنِ مَسعودٍ الأمرُ بالصَّلاةِ عليه قبلَ الدُّعاءِ دلَّ على أنَّه اطَّلعَ على زِيادةِ ذلك بينَ التشهُّدِ والدُّعاءِ. وأخرَج العمرِيُّ عن ابنِ عمرَ بسَنَدٍ جَيِّدٍ قالَ: «لَا تَكُونُ صَلاةٌ إِلَّا بِقِراءَةٍ وَتَشهُّدٍ وَصَلاةٍ عَلَيَّ».

وأخرَج البَيهَقيُّ في: «الخِلافِيَّاتِ» بسَنَدٍ قَويٍّ عن الشَّعبِيِّ، وهو مِنْ كِبارِ التَّابِعينَ قالَ: «مَنْ لَم يُصلِّ على النَّبيِّ في التشهُّدِ فَليُعِد صَلاتَه» (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولأنَّ الصَّلاةَ عِبادةٌ شُرِطَ فيها ذكرُ اللهِ تَعالى بالشَّهادةِ، فشُرِطَ ذكرُ النَّبيِّ كالأذانِ (٢).

صِفةُ الصَّلاةِ على النَّبيِّ -:

اختَلفَ العُلماءُ في كَيفيَّةِ الصَّلاةِ على النَّبيِّ ، ثم في قَدرِ ما يُجزِئُ منها، فاختارَ الشافِعيُّ وأحمدُ في إحدى رِوايَتَيه: «اللَّهمَّ صَلِّ على مُحمدٍ وعلى آلِ مُحمدٍ كما صلَّيتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وبارِك على مُحمدٍ وعلى آلِ مُحمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ


(١) «فتح الباري» (١١/ ١٦٧، ١٧٠).
(٢) «المغني» (٢/ ٩٥)، ويُنظر: «مغني المحتاج» (١/ ١٧٢)، و «شرح مسلم» (٤/ ١٠٦، ١١٠)، و «الإنصاف» (٢/ ١١٦، ١١٧)، و «الإفصاح» (١/ ١٧٤، ١٧٥)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٨٨)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>