إلى القَبضِ والتَّسليمِ، فلَم تَكُنْ جَهالَتُه مُحتَمَلةً؛ لِهذا لا يَجوزُ بَيعُها، فلا يَصحُّ الصُّلحُ عليها.
والأصلُ: أنَّ كلَّ ما يَجوزُ بَيعُه وشِراؤُه يَجوزُ الصُّلحُ عليه، وما لا فلا.
شُروطُ المُصالَحِ عنه:
وأمَّا الذي يَرجِعُ إلى المُصالَحِ عنه فأنواعٌ:
أحَدُها: أنْ يَكونَ حَقًّا العَبدِ، لا حَقًّا اللهِ ﷿، سَواءٌ كان مالًا، عَينًا أو دَينًا، أو حَقًّا ليس مالًا عَينًا ولا دَينًا، حتى إنَّه لا يَصحُّ الصُّلحُ مِنْ حَدِّ الزِّنا والسَّرقةِ وشُربِ الخَمرِ؛ بأنْ أخَذَ زانيًا أو سارِقًا مِنْ غَيرِه أو شارِبَ خَمرٍ فصالَحَه على مالٍ على ألَّا يَرفَعَه إلى وَليِّ الأمرِ؛ لأنَّه حَقُّ اللهِ ﷾ وجَلَّ شَأنُه.
ولا يَجوزُ الصُّلحُ مِنْ حُقوقِ اللهِ ﷾ وعَزَّ شَأنُه؛ لأنَّ المُصالَحَ بالصُّلحِ مُتصرِّفٌ في حَقِّ نَفْسِه؛ إمَّا باستِيفاءِ كلِّ حَقِّه أو باستِيفاءِ بَعضٍ وإسقاطِ البَقيَّةِ، أو بالمُعاوَضةِ، وكلُّ ذلك لا يَجوزُ في غيرِ حَقِّه.
وكذا إذا صالَحَ مِنْ حَدِّ القَذفِ، بأنْ قَذَفَ رَجلًا فصالَحه على مالٍ على أنْ يَعفوَ عنه؛ لأنَّه -وإنْ كان لِلعَبدِ فيه حَقٌّ- المُغلَّبُ فيه حَقُّ اللهِ ﷾، والمَغلوبُ مُلحَقٌ بالعَدَمِ شَرعًا، فكان في حُكمِ الحُقوقِ المُتمَحَّضةِ حَقًّا للهِ ﷿ وهي لا تَحتمِلُ الصُّلحَ، كذا هذا.
وكذلك لو صالَحَ شاهِدًا يُريدُ أنْ يَشهَدَ عليه على مالٍ على ألَّا يَشهَدَ عليه فهو باطِلٌ؛ لأنَّ الشاهِدَ في إقامةِ الشهادةِ مُحتَسِبٌ حَقًّا للهِ ﷾