للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِقدارُ الجِزيةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في مِقدارِ الجِزيةِ:

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الجِزيةَ على ضَربَيْن، هُما: جِزيةٌ تُوضَعُ بالتَّراضي والصُّلحِ، وجِزيةٌ يَبتدِئُ الإمامُ بوَضعِها على الكُفارِ إذا فتَحَ بِلادَهم عَنوةً.

فالضَّربُ الأولُ: الجِزيةُ الصُّلحيةُ، ليسَ لها حَدٌّ مُعيَّنٌ، بل تُقدَّرُ بحسَبِ ما يَقعُ عليه الاتِّفاقُ بينَ الإمامِ وأهلِ الذِّمةِ (١). واستدَلُّوا لذلك باختِلافِ مَقاديرِ الجِزيةِ الصُّلحيةِ من مَجموعةٍ إلى مَجموعةٍ أُخرى.

فقد صالَحَ النَّبيُّ أهلَ نَجرانَ على أَلفَي حُلةٍ، النِّصفُ في صَفَرَ، والبَقيةُ في رَجَبٍ يُؤدُّونَها إلى المُسلِمينَ (٢).

وأمَرَ النَّبيُّ مُعاذًا لمَّا وجَّهَه إلى اليَمنِ، «أنْ يَأخذَ مِنْ كلِّ حالِمٍ -يَعني مُحتَلِمًا- دِينارًا أو عَدلَهُ من المَعافِرِ -ثِيابٌ تَكونُ بِاليَمَنِ» (٣).

وصالَحَ عُمرُ بَني تَغلِبَ على أنْ يُؤدُّوا ضِعفَ زَكاةِ المُسلِمينَ.

رَوى البَيهَقيُّ عن عُبادةَ بنِ النُّعمانِ التَّغلِبيِّ في حَديثٍ طَويلٍ أنَّ عُمرَ لمَّا صالَحَهم -يَعني نَصارى بَني تَغلِبَ- على تَضعيفِ


(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ٢٩١)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٧٦)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٥٠، ٥١)، و «الاختيار» (٤/ ١٣٧)، و «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٣/ ٤٨٦)، و «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٢).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٤١).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>