المسألةُ العاشِرةُ: حكمُ طلاقِ مَنْ شربَ بَنجًا أو حَشيشًا أو أفيُونًا أو شَيئًا يُذهِبُ عَقلَه:
مَنْ شَرِبَ بَنجًا أو شَيئًا يُذهِبُ عَقْلَه كبَعضِ الأدويةِ أو أكَلَ حَشيشًا فهذا لا يَخلُو مِنْ حالتَينِ:
الحالةُ الأُولى: أنْ يكونَ لسببٍ كعلاجٍ أو غَيرِه:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الإنسانَ إذا شَرِبَ البَنجَ أو غيرَهُ ممَّا يتعالَجُ بهِ فذهَبَ عَقلُه وطلَّقَ فإنَّ طلاقَهُ غَيرُ جائِزٍ ولا يَقعُ.
قالَ الإمامُ الطَّحَاويُّ ﵀: لا يَختلِفونَ فيمَن شَربَ البَنجَ فذهَبَ عَقلُه أنَّ طلاقَهُ غَيرُ جائِزٍ (١).
وقالَ الإمامُ الشَّافعيُّ ﵁: ومَن شَرِبَ بَنجًا أو حِرِّيفًا أو مُرَقِّدًا ليَتعالَجَ بهِ مِنْ مَرضٍ فأذهَبَ عَقلَه فطلَّقَ لم يَلزمْه الطَّلاقُ؛ مِنْ قِبَلِ أنْ ليسَ في شَيءٍ مِنْ هذا أنْ نَضرِبَهم على شُربهِ في كِتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا إجماعٍ، فإذا كانَ هكذا كانَ جائِزًا أنْ يُؤخَذَ الشَّيءُ مِنهُ للمَنفعةِ، لا لقَتلِ النَّفسِ ولا إذهابِ العَقلِ، فإنْ جاءَ منهُ قَتلُ نَفسٍ أو إذهابُ عَقلٍ كانَ كالمَريضِ يَمرضُ مِنْ طَعامٍ وغَيرِه، وأجدَرُ أنْ لا يَأثَمَ صاحِبُه بأنَّه لَم يُرِدْ واحدًا مِنهُما، كما يَكونُ جائِزًا لهُ بَطُّ الجُرحِ وفَتحُ العِرقِ والحِجامةُ وقَطعُ العُضوِ رَجاءَ
(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٣١، ٤٣٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute