للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِلحاقُ الشَّيءِ بما ساوَاه في عِلةِ الحُكمِ وفارَقَه في الصُّورةِ أَولى مِنْ إِلحاقِه بما قارَبَه في الصُّورةِ وفارَقَه في العِلَّةِ، فأمَّا غيرُ الحَيوانِ فما كانَ مِنه يَنحفظُ بنَفسِه كأَحجارِ الطَّواحينِ والكَبيرِ مِنْ الخَشبِ وقُدورِ النُّحاسِ فهو كالإِبلِ في تَحريمِ أَخذِه بل أَولى مِنه؛ لأنَّ الإِبلَ تَتعرضُ في الجُملةِ للتَّلفِ إمَّا بالأَسدِ وإمَّا بالجُوعِ والعَطشِ وغيرِ ذلك، وهذه بخِلافِ ذلك، ولأنَّ هذه لا تَكادُ تَضيعُ عن صاحِبِها ولا تَبرحُ مِنْ مَكانِها بخِلافِ الحَيوانِ، فإذا حرُمَ أَخذُ الحَيوانِ فهذه أَولى (١).

وقالَ المالِكيةُ: الحَميرُ إذا لَم يُخفْ عليها فهي بمَنزلةِ الإِبلِ، لا يَجوزُ التِقاطُها وإنْ كانَ يُخافُ عليها أَخذُها (٢).

٤ - التِقاطُ الطَّيرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ التِقاطِ الطَّيرِ، هل يَجوزُ التِقاطُه كالشَّاةِ أم لا يَجوزُ التِقاطُه كالإِبلِ لأنَّه يَمتنعُ بنَفسِه بطَيرانِه؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه يَجوزُ التِقاطُ الطَّيرِ وسائِرِ الحَيواناتِ؛ لأنَّه مالٌ يُتوهَّمُ ضَياعُه فيُستحَبُّ أَخذُه ليُردَّ على صاحِبِه صِيانةً لأَموالِ النَّاسِ (٣).


(١) «المغني» (٦/ ٣٢).
(٢) «الفواكه الدواني» (٢/ ٢٧٣)، و «الإفصاح» لابن هبيرة (٢/ ٦٣).
(٣) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٠)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٣٤٦، ٣٤٧)، و «الهداية» (٢/ ١٧٦)، و «العناية» (٨/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «الاختيار» (٣/ ٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩٣، ١٩٤)، و «اللباب» (١/ ٦٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>