للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهُ قولِ مُحمدٍ: أنَّ الخِيارَ في العُيوبِ الخَمسةِ إنَّما ثَبَتَ لدَفعِ الضَّررِ عنِ المرأةِ، وهذهِ العُيوبُ في إلحاقِ الضَّررِ بها فَوقَ تلكَ؛ لأنها مِنَ الأدْواءِ المُتعدِّيةِ عادةُ، فلمَّا ثَبَتَ الخيارُ بتلكَ فلَأنْ يَثبتَ بهذهِ أَولى، بخِلافِ ما إذا كانَتْ هذهِ العُيوبُ في جانِبِ المرأةِ؛ لأنَّ الزَّوجَ وإنْ كانَ يَتضررُ بها لكنْ يُمكِنُهُ دفعُ الضَّررِ عن نفسِهِ بالطلاقِ؛ فإنَّ الطلاقَ بيدِهِ، والمرأةُ لا يُمكِنُها ذلكَ؛ لأنها لا تَملكُ الطلاقَ، فتَعيَّنَ الفَسخُ طَريقًا لدفعِ الضَّررِ (١).

هلْ يَجوزُ للوليِّ كَتمُ بعضِ العيوبِ:

قالَ المالِكيةُ: يَجوزُ للوليِّ كَتمُ العَمى ونَحوِه مِنْ كلِّ عَيبٍ لا يُوجبُ الخِيارَ كالقَرَعِ والسَّوادِ والشَّللِ وغيرِ ذلكَ مِنْ كلِّ عَيبٍ تكرهُهُ النُّفوسُ غيرَ الثَّلاثةَ عشَرَ عيبًا إذا لمْ يَشترطِ الزوجُ السَّلامةَ منهُ؛ لأنَّ النكاحَ مبنيٌّ على المُكارمَةِ، بخِلافِ البيعِ؛ يُجبُ على البائعِ بَيانُ كلِّ ما يَكرهُه المُشتَري، وأمَّا ما يُوجبُ الخِيارَ فعَلى الوليِّ بيانُهُ.

ويَجبُ عليهِ كتمُ الخَنَى -أي الفَواحشِ التي تُوجِبُ العارَ- كالزِّنا والسَّرقةِ، ولوِ اشتَرطَ الزوجُ السَّلامةَ مِنْ ذلكَ.

والذي يَنبغي حِينئذٍ أنْ يُقالَ: يَجبُ الكَتمُ للستْرِ والمَنعُ مِنْ تزويجِها بأنْ يَقولَ للزوجِ: «هي لا تَصلحُ لكَ»؛ لأنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٧).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٤٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٢٤)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٦٧٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>