للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ: التَّصريحُ: هو اللَّفظُ الَّذي لا يَحتملُ غيرَ النكاحِ، نحو أنْ يقولَ: «زوِّجِيني نفْسَكِ، أو إذا انقَضَتْ عدَّتُكِ تزوَّجتُكِ» (١).

الحالةُ الثانيةُ: التَّعريضُ بالخِطبةِ:

التَّعريضُ بالخِطبةِ للمُعتدَّةِ لا يخلُو مِنْ ضَربينِ: إمَّا أنْ يكونَ للمُتوفَّى عنها زَوجُها، أو مُطلَّقةٍ ثلاثًا، أو مُطلَّقةٍ رَجعيةٍ:

أوَّلاً: التَّعريضُ بالخِطبةِ للمُعتدةِ مِنْ وفاةٍ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المُسلمينَ على أنهُ يَجوزُ التَّعريضُ بالخِطبةِ للمعتدَّةِ مِنْ وفاةٍ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)[البقرة: ٢٣٥]، فأباحَ اللهُ التَّعريضَ بالنكاحِ في العدَّةِ.

«وقدْ دخَلَ النبيُّ على أمِّ سلَمةَ وهيَ مُتأيِّمةٌ مِنْ أبي سلَمةَ، فقالَ: لقدْ عَلمْتِ أني رسولُ اللهِ وخيرَتُه مِنْ خَلقِه ومَوضِعي مِنْ قَومي، وكانَتْ تلكَ خِطبتَه» (٢).


(١) «المغني» (٧/ ١١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١١١)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٧، ١٨).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البيهقي (١٤٠١٧) عن عبدِ الرحمنِ بنِ حَنظلةَ الغَسيلِ قالَ: حدَّثتني خالتي سَكينةُ بنتُ حَنظلةَ، وكانَتْ بقِبَا تحتَ ابنِ عمٍّ لها تُوفِّي عنها قالَتْ: دخَلَ عليَّ أبو جعفرٍ محمدُ بنُ عليٍّ وأنا في عدَّتي فسلَّمَ ثمَّ قالَ: كيفَ أصبَحتِ يا بنتَ حنظلةَ؟ فقُلتُ: بخيرٍ وجعَلَكَ اللهُ بخيرٍ، فقالَ: أنا مَنْ قد عَلمْتِ قَرابتي مِنْ رسولِ اللهِ وقَرابتي مِنْ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ وحَقِّي في الإسلامِ وشَرَفي في العَربِ، قالَتْ: فقُلتُ: غفَرَ اللهُ لكَ يا أبا جعفرٍ، أنتَ رجلٌ يُؤخَذُ منكَ ويُروى عنكَ، تَخطبُني في عدَّتي؟! فقالَ: ما فعَلْنا، إنَّما أخبرتُكِ بمَنزلَتي مِنْ رسولِ اللهِ ، ثمَّ قالَ: دخَلَ رسولُ اللهِ على أمِّ سلمةَ بنتِ أبي أُميةَ بنِ المُغيرةِ المَخزوميةِ، وتَأيَّمتْ مِنْ أبي سلمةَ بنِ عبدِ الأسَدِ وهو ابنُ عمِّها، فلمْ يَزَلْ يُذكِّرُها بمَنزلتِه مِنْ اللهِ تعالَى حتَّى أثَّرَ الحَصيرُ في كَفِّه مِنْ شدَّةِ ما كانَ يَعتمدُ عليه، فما كانَتْ تلكَ خِطبةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>