للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - أنْ يُظاهِروا على المُسلِمينَ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الكُفارَ إذا ظاهَروا على المُسلِمينَ وعاوَنوا علينا عَدوًّا لنا فقد انتقَضَ عَهدُهم سَواءٌ ظاهَروا سِرًّا أو جَهرًا.

لقَولِه ﷿: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ [التوبة: ٧] فدلَّ على أنَّهم إذا لمْ يَستَقيموا لنا لمْ نَستَقِمْ لهم؛ لقَولِه ﷿: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ﴾ [التوبة: ٤] فدلَّ على أنَّهم إنْ ظاهَروا علينا أحَدًا لم نُتِمَّ إليهم عَهدَهم.

ولأنَّ الهُدنةَ تَقتَضي الكَفَّ عنا فانتُقِضت بتَركِه ولا يَفتقِرُ نَقضُها إلى حُكمِ الإمامِ بنَقضِها؛ لأنَّ الحُكمَ إنَّما يُحتاجُ إليه في أمرٍ مُحتمَلٍ، وما تَظاهَروا به لا يَحتمِلُ غيرَ نَقضِ العَهدِ.

وقد غَزا النَّبيُّ أهلَ مَكةَ بعدَ الهُدنةِ من غيرِ أنْ يَنبِذَ إليهم؛ لأنَّهم كانُوا نقَضُوا العَهدَ بمُعاوَنتِهم بَني كِنانةَ على قِتالِ خُزاعةَ، وكانُوا حُلفاءَ للنَّبيِّ ، ولذلك جاءَ أبو سُفيانَ إلى المَدينةِ يَسألُ النَّبيَّ تَجديدَ العَهدِ بينَه وبينَ قُريشٍ فلم يُجِبْه النَّبيُّ إلى ذلك، فمِن أجلِ ذلك لم يَحتَجْ إلى النَّبذِ إليهم إذْ كانُوا قد أظهَرُوا نقضَ العَهدِ بنَصبِ الحَربِ لحُلَفاءِ النَّبيِّ .

ولأنَّه كانَ مِنْ هَديِهِ وسُنَّتِه إذا صالَحَ قَومًا وعاهَدَهم فانضافَ إليهم عَدوٌّ له سِواهم فدَخلوا معهم في عَقدِهم وانضافَ إليه قَومٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>