للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ مُطلقَ العَقدِ في الهِبةِ يَقتَضي دُخولَ الجَنينِ فيه لمَا بَيَّنَّا، فإذا استَثنى صارَ شَرطًا فاسِدًا أُلحقَ بعَقدِ الهِبةِ فلا يُبطلُها، والأصلُ فيه ما رُوي عن رَسولِ اللهِ : «مَنْ أُعمِرَ عُمرى حَياتَه فهي له في حَياتِه ولوَرثتِه بعدَ مَوتِه» (١) فنَهى عن العُمرَى ثم حُكمَ بوُقوعِ المِلكِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَصحُّ أنْ يَهبَ أمَةً ويَستثنيَ ما في بَطنِها؛ لأنَّه تَبرُّعٌ بالأُمِّ دونَ ما في بَطنِها فأشبَهَ العِتقَ، ولأنَّه لم يَهبِ الوَلدَ فلم يَملِكِ المَوهوبَ له كالمُنفصِلِ وكالمُوصى به.

ويَتخرَّجُ ألَّا يَصحَّ كما لو باعَ أمَةً واستَثنى ما في بَطنِها (٣).

تَوقيتُ الهِبةِ في غيرِ العُمرَى والرُّقبى:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَصحُّ تأقيتُ الهِبةِ بوَقتٍ، كقَولِه: «وهَبتُك هذا سَنةً أو شَهرًا ثم يَعودُ إلَيَّ»؛ لأنَّه تَعليقٌ لانتِهاءِ الهِبةِ؛ لأنَّه عَقدُ تَمليكٍ لعَينٍ فلم يَصحَّ مُؤقتًا كالبَيعِ، إلا في العُمرَى والرُّقبى؛ فإنَّهما نَوعان من الهِبةِ ويَصحُّ تَوقيتُهما كما سيأتي (٤).


(١) رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤/ ٩٣).
(٢) «الفروق» للكرابسي (٢/ ٥٨)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٧، ١١٨)، و «المحيط البرهاني» (٦/ ١٩٩)، و «الهندية» (٤/ ٣٨١).
(٣) «المغني» (٥/ ٣٨٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٥٥).
(٤) «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٨) «أسنى المطالب» (٢/ ٤٧٩)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ٢٧٥)، و «المغني» (٥/ ٣٨٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٤)، و «المحرر في الفقه» (١/ ٣٧٤)، و «المبدع» (٥/ ٣٦٧)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>