للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضربُ الأولُ: ما حَماه رَسولُ اللهِ -:

اتَّفقَ فَقهاءُ المُسلِمينَ على أنَّ الحِمى كانَ جائزًا للنبيِّ فيَحمي لنَفسِه وللمُسلِمينَ؛ لما رواه ابنُ عَباسٍ أنَّ الصَّعبَ بنَ جثَّامةَ قالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا حِمى إلا للهِ ولرَسولِه». وقالَ: بلَغَنا أنَّ النَّبيَّ حمَى النّقِيعَ، وأَنَّ عُمرَ حمَى الشرفَ والرَّبذةَ (١).

وقد رُوي أنَّه وقَفَ على جَبلٍ بالبَقيعِ يُقالُ له «يَعْمُلُ» فصلَّى عليه ثُم قالَ: هذا حِماي. وأشارَ بيدِه إلى البِقاعِ، وهو قدرُ ميلٍ في ستَّةِ أَميالٍ ما بينَ «يَعْمُلَ» إلى ثُلثَينِ، فحَماه لخَيلِ المُسلِمينَ والمُهاجِرينَ، ولأنَّ اجتِهادَ رَسولِ اللهِ في أمَّتِه أَمضى، وقَضاؤُه فيهم أَنفذُ، وكانَ ما حِماه لمَصالحِهم أَولى أنْ يَكونَ مَقرًّا مِنْ إِحيائِهم وعِمارتِهم، ولَم يَحمِ النَّبيُّ لنَفسِه شيئًا، وإنَّما حَمى للمُسلِمينَ؛ وذلك لِما رُوِيَ: «أنَّ النَّبيَّ حَمى النَّقيعَ لخَيلِ المُجاهِدينَ» (٢). والنَّقيعُ: اسمٌ للمَكانِ الذي حَماهُ النَّبيُّ (٣).


(١) أخرجه البخاري (٢٢٤١).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أحمد (٦٤٣٨، ١٦٧١٠)، وأبو داود (٣٠٨٤)
(٣) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٨٣)، و «البيان» (٧/ ٤٩٧، ٤٩٨)، و «المغني» (٥/ ٣٣٨، ٣٣٩)، و «عمدة القاري» (١٢/ ٢١٣) وسائِر المَصادِر الآتِي ذِكرُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>