للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا رَدَّ؛ لأنَّه شَغَلَ المَبيعَ بمِلْكِه، فلَم يَكُنْ له رَدُّه؛ لِمَا فيه مِنْ سُوءِ المُشارَكةِ (١).

هل خيارُ الرَّدِّ بالعَيبِ يَكونُ على الفَورِ أو على التَّراخي؟

اختلَف الفُقهاءُ فيما إذا عَلِمَ المُشتَري بالعَيبِ في المَبيعِ وأرادَ الرَّدَّ، هل يَجِبُ عليه أنْ يَرُدَّ على الفَورِ أو يَجوزُ له التَّأخيرُ إذا لَم يَأْتِ بما يَدلُّ على الرِّضا؟

فذهَب الحَنفيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ خيارَ العَيبِ على التَّراخي، فلا يَبطُلُ بعدَ العِلمِ به بالتَّأخيرِ؛ فمتى عَلِمَ العَيبَ فأخَّرَ الرَّدَّ لَم يَبطُلْ خيارُه حتى يُوجَدَ منه ما يَدلُّ على الرِّضا؛ لأنَّه خيارٌ لِدَفعِ ضَرَرٍ مُتحقَّقٍ؛ فكانَ على التَّراخي، كالقِصاصِ.

وذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ خيارَ العَيبِ على الفَورِ بأنْ يَرُدَّ المُشتَري المَبيعَ المُعيَّنَ حالَ اطِّلاعِه على عَيبِه على الفَورِ، فيَبطُلَ بالتَّأخيرِ بلا عُذرٍ؛ لأنَّ الأصلَ في البَيعِ اللُّزومُ؛ فيَبطُلَ بالتَّأخيرِ مِنْ غيرِ عُذرٍ؛ لأنَّه خيارٌ ثبَت بالشَّرعِ لِدَفعِ الضَّرَرِ عن المالِ، فكانَ على الفَورِ، كخيارِ الشُّفعةِ.

وهذا في المَبيعِ المُعيَّنِ، أمَّا الواجِبُ في الذِّمَّةِ ببَيعٍ أو سَلَمٍ فلا يُشترَطُ الفَورُ؛ لأنَّ رَدَّ ما في الذِّمَّةِ لا يَقتَضي رَفعَ العَقدِ، بخِلافِ المَبيعِ المُعيَّنِ.


(١) «الكافي» (٢/ ٨٧)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٩٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٦٩)، «المبدع» (٤/ ٩٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ١٧١)، و «التعليقة الكبيرة» (٣/ ٥١٣، ٥١٧)، و «الإنصاف» (٤/ ٤١٩، ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>