للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُزومُ الوَقفِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَقفِ إذا صدَرَ مِنْ الواقفِ مُستكمِلًا شَرائِطَه، هل يُصبحُ لازِمًا ولا يَحقُّ له الرُّجوعُ فيه؟ أم يَبقى على مِلكِ الواقفِ ويَحقُّ له الرُّجوعُ فيه؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الصاحِبانِ مِنْ الحَنفيةِ أبو يُوسفَ ومُحمدٌ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الوَقفَ يَلزمُ ويَنقطعُ حَقُّ الواقفِ في التَّصرفِ في العينِ المَوقوفةِ بأيِّ تَصرُّفٍ يُخلُّ بالوَقفِ، ويَزولُ مِلكُه عن الوَقفِ كالبَيعِ، فلا يُباعُ ولا يُوهبُ ولا يُورثُ.

وذلكَ لِما رَواهُ نافعٌ عن ابنِ عمرَ : «أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ أصابَ أرضًا بخَيبَرَ فأتَى النبيَّ يَستأمرُه فيها فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إني أصَبتُ أرضًا بخيبَرَ لم أُصِبْ مالًا قطُّ أنفَسَ عندي منه، فما تأمرُ به؟ قالَ: إنْ شِئتَ حَبسْتَ أصْلَها وتَصدَّقتَ بها، قالَ: فتَصدَّقَ بها عُمرُ أنه لا يُباعُ ولا يُوهبُ ولا يُورثُ … » (١).

وفي رِوايةٍ أُخرى للبُخاريِّ عن صَخرٍ بنِ جُويريةَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ «أنَّ عُمرَ تَصدَّقَ بمالٍ له على عَهدِ رَسولِ اللهِ وكانَ يُقالُ له ثَمْغٌ، وكانَ نَخلًا، فقالَ عُمرُ: يا رَسولَ اللهِ إني استَفدْتُ مالًا وهو عندي نَفيسٌ، فأرَدتُ أنْ أتَصدَّقَ به، فقالَ النبيُّ : تَصدَّقْ


(١) أخرجه البخاري (٢٥٨٦) باب: الشُّروطِ في الوَقفِ، ومسلم (١٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>