أخْذَ المالِ قبضٌ لعِوضٍ، فلم يَقمْ بمُجرَّدِه مَقامَ الإيجابِ كقَبض أحَدِ العوضَينِ في البيعِ.
وأمَّا حَديثُ جَميلةَ الَّتي قالَ رَسولُ الله ﷺ:«تَردِّينَ عليهِ حَديقتَه؟» فقَد رواهُ البُخاريُّ: «اقبَلِ الحَديقةَ وطلِّقْهَا تَطليقةً»، وهذا صَريحٌ في اعتبارِ اللِّفظِ، وفي رِوايةٍ:«فأمَرَه ففارَقَها»، ومَن لم يَذكرِ الفُرقةَ فإنَّما اقتَصرَ على بَعضِ القصَّةِ، والزِّيادةُ مِنْ الثِّقةِ مَقبولةٌ، ولَعلَّ الرَّاوي استَغنى بذِكرِ العوضِ عن ذِكرِ اللَّفظِ؛ لأنَّه مَعلومٌ مِنهُ.
وعلى هذا يُحملُ كَلامُ أحمَدَ وغيرِه مِنْ الأئمَّةِ، وكذا لَم يَذكرُوا مِنْ جانِبها لَفظًا ولا دَلالةَ حالٍ، ولا بدَّ منهُ اتِّفاقًا.
بل لا بدَّ مِنْ الإيجابِ والقَبولِ في المَجلسِ، بأنْ يَقولَ:«خَلعْتُكِ ونَحوَه على كذا» فتَقولَ: «رَضيتُ» أو نحوَه (١).
قالَ الحنفيَّةُ: الخُلعُ إذا كانَ على مالٍ فإنَّه يَقعُ بهِ تَطليقةٌ بائِنةٌ، سواءٌ نَوى أو لم يَنوِ؛ لأنَّه بذِكرِ المالِ في مقابَلةِ الخُلعِ يتعيَّنُ الانخِلاعُ مِنْ النِّكاحِ مُرادًا، فلا يَحتاجُ إلى النِّيةِ.
وإنْ كانَ الخُلعُ على غيرِ مالٍ، فإنْ نَوى بهِ الطَّلاقَ وقَعَ الطَّلاقُ، وإنْ لم يَنوِ به الطَّلاقَ فلا يقَعُ؛ لأنَّه كِنايةٌ مِنْ كِناياتِ الطَّلاقِ.
(١) «المغني» (٧/ ٢٥٧)، و «المبدع» (٧/ ٢٢٩)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٩٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «شرح منتهى الإردات» (٥/ ٣٤٣، ٣٤٤)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٩٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٧٠، ٧٢).