للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَبضُ السابِقُ لِلرَّهنِ (رَهنُ ما في يَدِ المُرتَهَنِ):

اختَلَف الفُقهاءُ فيما إذا كان المَرهونُ مَوجودًا في يَدِ المُرتَهَنِ بطَريقِ الإيداعِ أو الإعارةِ أو الإجارةِ أو الغَصبِ، هل يُكتَفى بهذا القَبضِ السابِقِ على عَقدِ الرَّهنِ عن قَبضِ الرَّهنِ بَعدَه فيَصحَّ العَقدُ ويَلزَمَ بمُجرَّدِ الإيجابِ والقَبولِ؟ أم لا بُدَّ مِنْ تَجديدِ القَبضِ لِلمَرهونِ مَرًّة أُخرى؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُكتَفى بالقَبضِ السابِقِ نَفْسِه، ولا يُحتاجُ إلى تَجديدِ قَبضٍ.

وأصلُه عندَ الحَنفيَّةِ في الرَّهنِ والهِبةِ وغَيرِهما أنَّ المَرهونَ إذا كان مَقبوضًا عندَ العَقدِ يَنوبُ عن قَبضِ الرَّهنِ؛ لأنَّه متى تَجانَسَ القَبضانِ نابَ أحَدُهما عن الآخَرِ؛ لاتِّحادِهما جِنسًا، وإذا اختَلَفا نابَ الأقوى عن الأضعَفِ دونَ العَكسِ، وذلك لأنَّ في الأقوى مِثلَ ما في الأدْنى وزيادةً، وليس في الأدنى ما في الأقوى، فلا يَنوبُ عنه.

وتَوضيحُه أنَّ القَبضَ نَوعانِ: قَبضُ أمانةٍ وقَبضُ ضَمانٍ، فقَبضُ الأمانةِ كقَبضِ الوَديعةِ، وقَبضُ الضَّمانِ كقَبضِ الغَصبِ، والثاني أقوى مِنَ الأولِ.

فإذا تَجانَسَ القَبضانِ: السابِقُ واللَّاحِقُ المَطلوبُ -أي أنَّهما كانا مِنْ نَوعٍ واحِدٍ، بأنْ كان كِلاهُما قَبضَ أمانةٍ أو قَبضَ ضَمانٍ- قامَ القَبضُ الأوَّلُ مَقامَ القَبضِ الثاني المَطلوبِ، وقَبضُ الرَّهنِ قَبضُ أمانةٍ، وليس هناك حالةٌ يَكونُ فيها القَبضُ أدنى مِنْ قَبضِ الرَّهنِ؛ لأنَّه قَبضُ أمانةٍ.

فلو كان المال مَوجودًا بيَدِ الدائِنِ سابِقًا -على سَبيلِ الإيداعِ أو الإعارةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>